الثبات - مقالات
الأسرة المسلمة
العلاقة بين الرجل والمرأة
"المساواة الإنسانية"
من أهم الركائز للعلاقة بين الرجل والمرأة مبدأ الوحدة الإنسانية تتميز الخليقة البشرية بوحدة إنسانية كاملة في التكوين الجسدي، والطبائع والمشاعر، والإحساسات والتطلعات، والآلام والآمال، والحاجات والضرورات، فلا يوجد بعدئذ سبيل إلى ظهور ما يسمى بالنزعات العنصرية، أو الفوارق اللونية، أو السلالات البشرية، أو الفوارق الجنسية بين الذكر والأنثى، أو النزاعات العرقية والطائفية والمذهبية، أو أية مميزات أخرى.
ووحدة الخَلْق الإلهي للإنسان تقتضي تقرير مبادئ المساواة والحرية والإخاء والعدالة في الأسرة وغيرها، والتعاون المثمر والمستمر بين الرجل والمرأة، لدفع عجلة الحياة ومسيرتها نحو الخير والسعادة، والقوة والمجد، والعز والطمأنينة، والألفة والمودة، والسكن النفسي.
وتتحدد العلاقة بين الرجل والمرأة في نظام الإسلام على أساس المساواة الكاملة في التكوين، ووحدة الخَلْق والإيجاد، وهذا ما عبر عنه القرآن بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}.
وفي الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إنَّما النساء شقائق الرجال".
إن هذه المساواة بين الرجل والمرأة كان سبباً في بقاء النوع الإنساني، وفي بركة التكاثر، من أولاد وبنات، واختلاط المجموعات النوعية في كل مجتمع، ليعيش الإنسان موزعاً في أنحاء الكرة الأرضية، لاستنباط خيراتها، والعيش بسلام وأمان في ربوعها.
واستلزمت هذه المساواة وجود روابط الأخوة الإنسانية بين الناس قاطبة، فيسعد الإنسان مع أخيه الإنسان، ويأنس به، فهو رقيق الحياة الدائم.
والأخوة نابعة من أصل أساسي هو الكرامة الإنسانية، دون تمييز بين الذكر والأنثى.
والأخوة الإنسانية تقتضي التعاون والتضامن في التغلب على مشكلات الحياة الصعبة والمتنوعة والمستمرة، والتعاون مظهر تحضر وتمدن، ومردوده شامل يشمل الذكر والأنثى.
وأساس التعاون: هو وجود ظاهرة الود والتآلف والتراحم والمحبة، فلا تتحرك أنماط الحياة وتدور عجلتها إلا بهذه الروح الطيبة بين الرجال والنساء.
العلامة الفقيه الدكتور : وهبة الزحيلي الدمشقي