أقلام الثبات
لم يكن ينقص اللبنانيين سوى أزمة الوباء العالمي المنتشر ليزيد على مشاكلهم المتراكمة منذ زمن، والتي أدّت الى ثورة في 17 تشرين الأول 2019، التي عمّقت الأزمة الاقتصادية بسبب قطع الطرقات واستغلال بعض القوى السياسية للثورة لتنفيذ أجنداتها السياسية.
اليوم، يبدو أن لا شيء يمكن أن يثني الطبقة السياسية اللبنانية عن ممارساتها ومناكفاتها، واستغلال وجع اللبنانيين لتنفيذ طموحاتها وأجنداتها التي لا تفيد اللبنانيين شيئًا. ويمكن أن نذكر على سبيل المثال لا الحصر، كيف تستمر تلك الطبقة بنفس الممارسات القديمة حتى في ظل انتشار الوباء وقلق اللبنانيين من الغد، بما يلي:
- أزمة كورونا: منذ بدء الأزمة الوبائية، والاعلان عن وصول أول حالة الى لبنان عبر مطار بيروت الدولي، تستمر بعض القوى بممارساتها القديمة في اتهام بعض اللبنانيين - ومعهم الايرانيين- باستقدام الوباء الى لبنان.
وبالرغم من أن اثباتات أكدت وصول كورونا الى لبنان قبل ذلك، عبر مواطنين لبنانيين أتوا من فرنسا، وانتشرت في البيئة التي مارسوا حياتهم اليومية فيها، وبالرغم من ذلك ما زال البعض ولغاية الآن يحاول تسليط الاتهام على بيئة معينة بأنها تتستر على اصاباتها، وأن هناك مراكز حجر سرية لم يتم الاعلان عنها.
حتى في قضية عودة اللبنانيين من الخارج، فقد تباينت آراء القوى السياسية بين بداية الأزمة وطرح القضية، فمعظم قوى 14 آذار التي طالبت الحكومة باغلاق الحدود كافة - للتصويب على الطائرات التي تأتي من ايران- هي نفسها التي حاولت المزايدة على الحكومة بموضوع عودة اللبنانيين المنتشرين في الخارج، وهي نفسها التي تأبى الاعتراف بأن الحكومة قد نجحت في تلك العودة وسلامة العائدين.
- أما الأخطر فكانت التعيينات المالية، فقد تبين ان الطبقة السياسية التي عاثت فسادًا في لبنان منذ التسعينات، لم تتعلم شيئًا مما حصل ومن الانهيار الذي أصاب لبنان ولا من ثورة 17 تشرين الاول.
ما أن طرح ملف التعيينات في مصرف لبنان، حتى خرج أركان تيار المستقبل يهددون الحكومة، وبالتوازي مع البيان التهديدي الذي أطلقته كتلة المستقبل، بدأت سيارات تجوب طرابلس تطلق صرخات نداء واستغاثة للناس للخروج الى الشارع (في عزّ خطر كورونا) لرفض تغيير نواب الحاكم المحسوبين على تيار المستقبل. واللافت كان تماهي رئيس تيار المردة سليمان فرنجية وتهديده بالاستقالة من الحكومة في حال عدم منحه مقعدين من الحصة المسيحية! وغياب الوزيرين المحسوبين عليه عن اجتماع الحكومة.
عمليًا، في ظل قلق اللبنانيين على مستقبلهم وعلى قدرتهم على الخروج من الوضع الاقتصادي التعيس الذي زادته اجرءات الحجر المنزلي، يجد اللبناني أن الطبقة السياسية التي حكمته لا يهمها سوى تنفيعاتها وحصصها، فيما يغرق اللبنانيون بالديون والعجز.
واليوم، بات على حكومة حسان دياب، ان لا تلتفت الى ضجيج القوى السياسية المتضررة من بناء الدولة، وتستمر في عملية الاصلاح المطلوبة منها. لكن، على الحكومة أن تفكر جديًا بمرحلة ما بعد التعبئة العامة، ولتبدأ بعد الاعياد بإعادة الدورة الاقتصادية الى العمل.
لا يكفي فقط أن تعالج الحكومة قضية الفئات الأكثر فقرًا، بل هناك العمال والموظفون المهددون بالتسريح، وهناك المهن الحرة والمؤسسات الفردية أو الصغيرة التي قد لا تستطيع النهوض بعد فترة الحجر المنزلي.
الحل، ان تعود الحياة الاقتصادية بشكل تدريجي، مع استمرار اقفال المدراس والجامعات ودور العبادة، واعطاء توجيهات صارمة بالتباعد الاجتماعي، فلا يمكن أن نواجه أزمة وباء بكارثة اقتصادية .