الثبات - مقالات
خصائص الأمة المحمدية
"جعلهم أمَّةً وسطاً"
مِن أبرز خصائص هذه الأمة، أنَّهم هم الأمة الوسط، وأنَّهم هم الشهداء على الناس بنص القرآن قال تعالى: {وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًاً لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ}.
فكما أنعم الله سبحانهُ على هذه الأمة بالهداية إلى الصراط المستقيم، كذلك أنعم عليهم بأن جعلهم أمَّة وسطاً، أي: عُدولاً خِياراً، لأنَّ الوسط حَقيقة في البعد عن الطرفين الإفراط واِلتفريط، فالمتوسط في الأخلاق يكون بعيداً عن الطرفين، فكان معتدلاً فاصلاً.
وهكذا يحدثنا القرآن عن حقيقة هذه الأمة في الكون، وعن وظيفتها في هذه الأرض، وعن مكانها العظيم في هذه البشرية، وعن دورها الأساسي في حياة الناس، مما يقتضي أن تكون لها قِبلتُها الخاصة، وشخصيتها الخاصة، وذاتيَّتها المستقلة، إنَّها الأمة الوسط التي تشهد على النَّاس جميعاً في الدنيا والآخرة.
فأمَّا في الدنيا: فإنَّها سمعت أخبار كلِّ الأمم السابقة في كتابها الأكبر الذي هو القرآن، أو عن نبيَّها المصطفى صلى الله عليه وسلم فيما جاء عنه، فتسمع أخبار العصاة والمطيعين، والمصدقين والمكذبين، وجزاء كلٍّ، وتسمع أخبار الأنبياء والمرسلين، والأولياء والصالحين، وأعمالهم وجهادهم، وتضحيتهم وما لاقوا من عَنتٍ وتعبٍ ومشقة، ثم تُبدي رأيها فيهم وتزن قيمتهم، وتصوراتهم، وتقاليدهم وشعاراتهم، فتفصِّل في أمرها وتقول: هذا حقٌّ منها، وهذا باطل.
وأمَّا في الآخرة: فإنَّه إذا كان يوم القيامة، ووقف الناس للسؤال يقال لكلِّ أمة: هل بلغكم رسولكم؟ فيقولون: لا، فيقال للرسول الذي أرسل إليهم: هل بلغت قومك؟ فيقول: نعم، فيقال من يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمته، فيدعى محمد وأمته فيقال لهم: هل بلَّغ قومه؟ فيقولون: نعم، فيقال لهم: وما أدراكم؟ فيقولون: جاءنا نبينا فأخبرنا أنَّ الرُّسل قد بلَّغوا، فذلك قوله تعالى: {وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ}.