رحمة حضرة سيدنا رسول الله صلى الله عليه و سلم ـ إعداد: الشيخ يوسف الغوش

الإثنين 23 آذار , 2020 10:49 توقيت بيروت مقالات فكريّة

الثبات ـ مقالات فكريّة

الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

لقد كان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أرحم الناس بالناس، هو الرحمة المهداة، هو الرحمة كلها، هو الرِّقة كلها، هو العدل كله .

قال ربه سبحانه وتعالى عنه: و ما أرسلناك إلا رحمة للعالمين . سورة الأنبياء - الآية: ١٠٧، وقال عن نفسه صلى الله عليه و سلم: إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق، إنما بُعثت رحمة، إنما أنا رحمة مهداة.

نحن على موعد مع مبعوث العناية الإلهية وشمس الهداية الربانية مع المبعوث رحمة للعالمين صلى الله عليه وسلم، ومع قول الله تعالى: لقد جاءَكُم رسولٌ من أنفسِكم عزيزٌ عليه ما عَنِتّم حريصٌ عليكم بالمؤمنين روؤف رحيم . سورة التوبة - الآية : ١٢٨ ؛ و مع قوله صلى الله عليه و سلم : إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا.

 أحباب رسول الله .. الرحمة كلمة جامعة لمعنى الإنسانية ولئِن كانت الرحمة مدار حديثنا؛ فتعالوا نعيش مع الرحمة العامة، لكي يلفت القرآن الكريم أنظار الأمة بالتراحم و التعاطف والألفة والمحبة ذكر في كل سورة معنى الرحمة من الرحمن ليذكرنا فقال: بسم الله الرحمن الرحيم ؛ فهي آية من كل سورة .

أما رحمته صلى الله عليه وسلم كانت شاملة للجن و الإنس؛ بل لجميع الخلق، للمؤمن رحمة بالهداية و للكافر بتأخير العذاب، حتى أنه صلى الله عليه و سلم كان رحمة لمن أنزل عليه القرآن الكريم لسيدنا جبريل عليه السلام الذي هو أفضل الملائكة قال الله تعالى: و ما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين .

حُكي عن حضرة سيدنا النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال لسيدنا جبريل عليه السلام: هل أصابك من هذه الرحمة شيء ؟ قال سيدنا جبريل عليه السلام: كنت أخشى العاقبة ؛ فأمّنتُ لثناء الله عزوجل عليّ بقوله: ذي قوة عند ذي العرش مكين ☆ مُطاع ثَمّ أمين . سورة التكوير - الآية : ٢٠ / ٢١ .

كيف كانت رحمته صلى الله عليه و سلم لأمته ؟

يقول سيدنا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: إن النبي صلى الله عليه و سلم تلا قول الله تعالى في سيدنا إبراهيم عليه السلام: ربِّ إنهنّ أضْلَلْنَ كثيراً مِن الناسِ فمن تبعني فإنّه منّي و مَن عصاني فإنّك غفورٌ رحيم . سورة إبراهيم - الآية : ٣٦ ؛ و قول سيدنا عيسى عليه السلام: إنْ تُعذّبْهم فإنّهم عبادُك و إنْ تَغفرْ لهم فإنك أنت العزيزُ الحكيم . سورة المائدة - الآية: ١١٨ ؛ فرفع رسول الله صلى الله عليه و سلم يديه قائلاً : اللهم أمتي، اللهم أمتي، و يبكي بكاءً شديداً، يخاف لا على نفسه، إنما على أمته؛ ينزل الأمين جبريل عليه السلام على جناح السرعة، إن الحبيب يبكي على أمته، ويقول الله تعالى يا جبريل: إذهب إلى محمد و ربك أعلم فقل: إنّا سنرضيك في أمتك ولا نسؤك؛ فيقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يرضى محمد و واحد من أمته في النار؛ فنزل قول الله تعالى: و لسوف يعطيك ربك فترضى .

أما رحمته صلى الله عليه  وسلم مع مَن يريد قتله؛ فقد خرج رجل من العرب من قبيلة اليمامة حاملاً سيفه، وتوجه إلى المدينة المنورة مدينة سيدنا النبي صلى الله عليه و سلم لقتله، فوقعت عينا سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه عليه؛ هذا الرجل اسمه ثُمامة بن آثال، عربي حرارة الدماء تتدفق من شرايينه، يحمل سيفاً حادّاً يكاد يقطع الهواء، دخل المدينة و رآه سيدنا عمر، فهبّ مذعوراً و سأله: من الذي جاء بك إلى مدينة سيدنا رسول الله صلى الله عليه و سلم و أنت مشرك ؟!

فقال له ثُمامة: يا عمر جئت لأقتل محمداً؛ ( أتريد قتل مَن خُلقت الدنيا لأجله )، فضربه وربطه في سارية المسجد؛ و ما إن وصل الخبر إلى حضرة سيدنا رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى خرج مسرعاً من منزله و نظر بعين الرحمة إلى أصحابه و أمر بحلِّ وثاقه و فعل سيدنا عمر ما أمر به حضرة سيدنا محمد ، ثم قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: إذهبوا فأتوه بلبن - حليب - من بيتي ؛ و حُلبت الشياه و جيء باللبن و شرب الرجل اللبن ؛ و قال له حضرة سيدنا النبي صلى الله عليه و سلم : قل لا إله إلا الله ؛ قال : لا .

فأمر حضرة سيدنا سيدنا النبي صلى الله عليه و سلم بإطلاق صراحه و أُفرج عنه؛ و بعد أن خطا الرجل خطوات بعيداً عن المسجد يعود إلى حضرة سيدنا رسول الله صلى الله عليه و سلم و يقول له : أشهد أن لا إله إلا الله و أنك رسول الله

قال له حضرة سيدنا الرسول صلى الله عليه و سلم : لِمَ لم تنطق بها عندما أمرتك ؟

قال ثُمامة: لم أنطق بها لأنني كنت تحت يديك وفي قبضتك فخشيت أن يقال: أسلمت خوفاً منك؛ أما و قد أطلقت سراحي، فلقد أسلمت ابتغاء مرضاة الله رب العالمين .

يقول سيدنا ثُمامة رضي الله عنه: عندما دخلت المدينة لم يكن لدى نفسي أبغض من محمد ، فلما فارقتها و ليس على وجه الأرض أحد أحب إلى قلبي من رسول الله صلى الله عليه و سلم .

 و صدق الله تعالى إذ يقول لحضرة سيدنا النبي صلى الله عليه و سلم: فَبِما رحمةٍ مِنَ اللهِ لِنتَ لهم و لو كنتَ فَظاً غليظَ القلبِ لَانْفَضُّوا مِن حَولِك . سورة آل عمران - الآية : ١٥٩ .


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل