أقلام الثبات
بينما العالم ,كل العالم بلا استثناء منشغل حتى اذنيه, في التصدي لاكبر جائحة في التاريخ الحديث , الا وهي فيروس كورونا المستجد ,كشر ولي العهد السعودي محمد بن سلمان - ابن التربية الاميركية وخريخ ثقافتها -عن انيابه المسمومة بكل وحشية , معتقدا بوهم انه يمكن ان يوسع الدور الشرير الذي تلعبه السعودية في العالم .
لقد اقدم بن سلمان على خطوتين ,يعتقد انه سيحقق فيهما مكانة لنفسه عند الاميركيين, الذين في غالبيتهم يحملونه المسؤولية عن مشهد التخلص من الصحافي جمال خاشقجي ,المقطع اربا بالمنشار, فتمثلت الخطوة الاولى في الاعتقالات ضمن الاسرة الحاكمة , وهي مستمرة باعتقالات اخرى من الموالين للمعتقلين وبينهم مسؤولون كبار داخل الاجهزة الامنية والعسكرية , والثانية فتح معركة مع روسيا على خلفية اسعار النفط , من خلال التنصل من الاتفاقات الواضحة بين الدولتين في منظمة الدول المصدرة للنفط "اوبك", ولهذه الخطوة اثار دولية واسعة خدمت على وجه التحديد ,الدولة الاكثر عدوانية ضد روسيا , وقد عبرت واشنطن على لسان الرئيس دونالد ترامب بانه لم يكن يحلم بان يتدنى سعر برميل النفط الى حدود ال30 دولارا , وان حلمه تحقق بالفعل ,وقال ترامب فيما يشبه الانتشاء , لقد" وجهت وزير الطاقة بشراء كميات ضخمة من النفط بسعر جيد للغاية لتخزينه ضمن الاحتياطي الاستراتيجي للولايات المتحدة ...سنملأ مخزوناتنا بالكامل".
ما يعنيه كلام ترامب ببساطة ,ان بلاده ستوقع عقودا طويلة الأجل بالسعر المتدني للنفط ,وان تعهدات بن سلمان لروسيا بشأن اسعار النفط واستقرارها, ذهبت ادراج الرياح , بمعنى انه "لحس بصقته", بالحفاظ على حصص السوق عند المستوى السابق المنخفض، حتى لا تهبط الأسعار.وهو ما كانت تدعو اليه روسيا على الدوام، بالتوازي مع حملة في الاعلام الغربي جوهرها ان مؤامرة من اعداد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ضد صناعة النفط الصخري الأميركي، محمّلة إياه مسؤولية عما أدى إلى انهيار أسعار النفط، رغم الوضوح الكامل في ان القرار السعودي اشبه بلحس المبرد لجهة عدوانيته لكن صناعة التضليل كمهنة غربية على درجة عالية من الاحتراف تجد بيئتها دوما حيث يمكن الإضرار بالغير , فالقرار بالانسحاب من الاتفاقية للحد من إنتاج أوبك+ والبدء في التفاوض بعدوانية , ربما يبطن معرفة ببواطن اميركية تتوقع التدهور الحتمي للوضع الاقتصادي العالمي، مع احتمال انسحاب دول أخرى من الاتفاقية، ناهيك عن بيانات وزارة الخارجية الأميركية التي لديها معلومات حول درجة التوتر الاجتماعي في البلدان التي تواجه فيروس كورونا.
لقد اقدم بن سلمان على استفزاز روسيا , رغم انها كانت ملاذه في ذروة النقمة الاميركية عليه وكذلك الغربية والتركية , لا بل وقع عددا كبيرا من الوثائق المتعلقة بتنمية العلاقات في مجالات الاقتصاد والطاقة النووية والفضاء والاتصالات العسكرية التقنية، والثقافة والتعليم، لكنها بقيت مجرد بروتوكولات نوايا، لا ترقى إلى مستوى اتفاقيات تنفيذية كاملة , رغم سعي موسكو الحثيث لبناء علاقات محترمة مع السعودية التي على ما يبدو مدمنة على العلاقات الالتحاقية مع الدول كما تفعل معها الولايات المتحدة.
ليس سرا انه في العلاقات الدولية القائمة منذ انهيار الاتحاد السوفياتي قبل 30 عاما , ان من يحدد سعر النفط والذهب هو أكبر البنوك العالمية، وخصوصا بنوك الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا, وقد انشأت الولايات المتحدة منظومة عالمية اقتصادية تحميها حاملات الطائرات والتهديدات النووية , ولم تكن السعودية لتجرؤ على الانسحاب من الاتفاقية مع روسيا , لولا تعليمات واشنطن وانسحاب الاخيرة من معاهدة الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى , الا ان احساس الولايات المتحدة بانها باتت تفقد وحدانية سيطرتها على اعالي البحار واعماقها ,مع عودة روسيا الى النهوض وعودة قطعها البحرية لتجوب المحيطات والبحار , حتم على واشنطن لعب اوراق متعددة بينها ورقة النفط بوجه روسيا , مع السماح لبن سلمان بالتخلص من كل غريم في الداخل يمكن ان يكون منافسا على العرش ,وربما في هذا فائدة مستقبلية لشعب نجد والحجاز .
لا شك ان محمد بن سلمان بخطوته الداخلية انهى نظام الخلافة في المملكة الطيعة منذ انشائها على ايدي الغرب بعد مذابح ال سعود بحق شعب نجد والحجاز ,اما ديدنه في التغييرات التي يعتمد منذ خمس سنوات بسيطة، تقوم، في السياسة الخارجية،على القتل ودعم الجماعات الارهابية والحروب على الجيران - اليمن - بهدف تعزيز دوره في شؤون الشرق الأوسط؛ وهذا يستدعي التخلص من غير الموالين في النخبة الحاكمة.
لا شك مطلقا ان ساعة التغيير في السعودية قد دقت , ومن غير المنطقي ان لا يراق على جوانبها الدم , …