أقلام الثبات
في واحدة من اكثر محطات الصراع , والعدوان على سوريا , أطلقت تركيا عملية عدوانية جديدة تحت اسم "درع الربيع" بذرائع واهية , ونقضا لاتفاقات استانا وسوتشي , الا ان العملية العدوانية من الجيش التركي والفصائل الارهابية المتنوعة المدعومة من تركيا والغرب, تعرضت لنكبة على المستوى العسكري اولا من خلال حجم القتلى والاصابات سواء في الجيش التركي أو في مجاميع الارهابيين , أم الضربة الموجعة الثانية، فقد جاءت بالتوازي مع الكباش الروسي -التركي العلني , ومحاولة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الاستعانة بحلفائه الاساسيين الولايات المتحدة , والحلف الاطلسي , وكذلك مع محاولات استدراج اجتماع للرباعية - تركيا - روسيا - المانيا- فرنسا في اسطنبول , وهو ما اطاح به الروس، بالتاكيد على ضرورة التزام اردوغان بتعهداته في استانا وسوتشي . وتتمثل هذه الضربة باستعادة "سراقب" التي حشدت فيها تركيا عديدا غير مسبوق من الارهابيين غطت عملياته القوات التركية ناريا على جميع المستويات الحربية
لم تكن عملية استعادة سراقب السورية الا رسالة تصميم بان الارض السورية سوف تحرر مهما بلغت التضحيات , وهي بالفعل ضربة موجعة لاقصى الحدود على المستوى الاستراتيجي ليس فقط لاردوغان المتنمر الذي سيؤدي به الغرور العنصري الى نهاية غير مشتهاة , وانما ايضا لكل من يقدم الدعم له ولفصائله الارهابية , سواء الحلف الاطلسي بقيادة الولايات المتحدة - الراعي غير المستتر للارهاب- او لممولي الارهاب من عرب واجانب , وكذلك للعدو الاسرائيلي الذي يعمد الى مؤزارة الارهابيين عند كل نكسة تحل بهم .
في ضوء تحرير سراقب وإعادة السيطرة عمليا على طريق ام 4,وافق الرئيس الروسي على لقاء اردوغان , لكن في موسكو , وهو ما يذكر بكيفية تعاطي روسيا مع العقل التركي بعد اسقاط الطائرة الروسية "سو 24" والثمن الذي دفعه اردوغان لقاء تهوره انذاك على المستويين السياسي والاقتصادي , رغم تحميله وزر القرار لرئيس حكومته ورديفه الفعلي احمد داوود اوغلو , ما دفع الاخير إلى مغادرة "شقيق روحه , ورفيق دربه الاقرب " , لا بل تشكيل حزب مناوئ لأردوغان واتهام الاخير بانه سيجلب الخراب لتركيا .
لا يمكن التكهن بما سيحدث في اجتماع بوتين - اردوغان , لكن يمكن القول ان الموقف الروسي واضح وقد عبر عنه الكرملين "أن روسيا الدولة الوحيدة الحاضرة في سوريا بصورة شرعية.و بطلب من حكومتها الشرعية، و "جميع القوات العسكرية الأخرى موجودة في سوريا بشكل مخالف لقواعد ومبادئ القانون الدولي"وقال المتحدث الرئاسي باسم الكرملين، دميتري بيسكوف،إن:"موقف موسكو من الأزمة السورية لم يتغير أبدا، وهو نفس الموقف الذي ذكره مرارا وتكرارا كل من الرئيس فلاديمير بوتين ووزير الخارجية سرغي لافروف. وكذلك وفد الخبراء المشترك بين الإدارات، والذي تحادث في الأيام الأخيرة مع زملائه الأتراك"و أن العسكريين الروس والأتراك على تواصل دائم في سوريا، ومحادثات الرئيسين فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان ستلقي وضوحا أكثر على الوضع في إدلب.
ان خيار تركيا اردوغان ,دعم الارهاب لاستنزاف سوريا , وصولا الى الاطاحة بالقيادة السورية , بات خيارا مقتولا , كما ان التمادي في ابتزاز روسيا التي راهنت على الحد من طموحات اردوغان الواهمة , ترنح الى حده الاخير , وكذلك فان ابتزاز اوروبا بطوفان المهاجرين لم يعد يجدي نفعا , لا بل ان هذه الخيارات ستزيد الضغط على الاقتصاد التركي المتآكل والتزايد اهتزاز , ودلت التجربة ان مثل هذه الخيارات سوف تقطع تدفق السياح الى تركيا , والسياحة احد مرتكزات الاقتصاد التركي سواء من روسيا او اوروبا, كما ان المزراب المالي المخصص لدعم الارهابيين بدأ يجف على المستوى الدولي ,كما ان عمليات التهريب - نفط وغيره من سوريا والتي استفاد منها كبار الضباط الاتراك خصوصا على سكة ادلب ,وغض اردوغان الطرف عن ذلك ليضمن ولاءات العسكريين , لم تعد تغري اولئك مع تقدم الجيش السوري في الميدان , لانهم كعسكريين يعرفون ان الموت سيحيق بهم, سيما انهم سيقاتلون فقط من اجل ثروة , وليست قضية نبيلة .
لقد ايقن اردوغان ان الغرب ولا سيما اميركا لن يقدموا التضحيات من اجل احلامه , لا بل يريدان تقليم اظافره ما امكن , وقد فهم تماما الرسالة الاميركية التي وردت على لسان وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر أن "الولايات المتحدة لن تقدم دعما جويا لتركيا في عمليتها العسكرية بمحافظة إدلب السوريةوستسعى إلى زيادة مساعداتها الإنسانية إلى تركيا وأنه بحث مع الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ الوضع في سوريا، وأن الناتو أكد استعداده "لأي طارئ قد يحدث".
اكثر من ذلك لقد نشأت معادلة جديدة في سوريا بعد العدوان التركي , ومحاولة منع القوات السورية من تحرير ارضها وصولا الى الحدود , وتقوم المعادلة على شقين:
- تشكل حلف جديد بمواجهة الاطماع التركية , وما الحدث المهم باعادة افتتاح السفارة الليبية في سوريا الا مؤشر على ظهور خط لدعم المشيرخليفة حفتر، ليس فقط من الحكومة السورية، إنما ومن روسيا، الحليف الأقرب لسوريا. ويمكن الحديث عن تشكيل ما يشبه التحالف المناهض لتركيا في الشرق الأوسط على خلفية القتال في إدلب". ومن شأن هذا التوجه أن يكسب زخما مع الأيام. ف: "الاعتراف الدولي بحفتر، خطوة موضوعية، فيكفي النظر إلى خريطة ليبيا، ليتضح أن معظم البلاد تسيطر عليها قواته. وتبقى جزر صغيرة فقط في يد حكومة فايز السراج، أي العاصمة طرابلس، وميناء مصراتة وغيرها. ومع أن هذه النقاط حيوية في ليبيا، لكنها مجرد جزء صغير من البلاد".
- تراجع القوات التركية الى ما وراء الحدود لان سوريا مصممة على ازالة الارهاب عن ارضها , واذا لم ينكفئ الجيش التركي ,وسوف يكون مضطرا لذلك , وبالتالي ترك الارهابيين لمصيرهم المحتوم -اي الموت او الموت -وهو ما سيتكفل به الجيش السوري ومحور المقاومة والقوات الجوية الروسية, فان تركيا على شفير انقلاب سيدفع ثمنه اردوغان , وعلى المسار ستشهد المرافق الاقتصادية التركية ضربات من الداخل , سوف يشارك بها منظمات تركية وكردية , وربما أرمنية .