أقلام الثبات
لا تزال سورية تمارس حتى الآن مع تركيا سياسة الصبر الاستراتيجي إلى حد بعيد , بالتنسيق الكامل مع روسيا وإيران , رغم الاشتباكات الموضعية احيانا مع الجيش التركي اثناء دعمه للفصائل الإرهابية وخلال تقدم الجيش العربي السوري على جبهات الشمال سواء في حلب أوإدلب .لكن القرار السوري واضح وضوح الشمس , وقد عبر عنه الرئيس بشار الأسد اكثر من مرة ,بان كل شبر من الأرض السورية سيتم تحريره , بكل الوسائل , وهو أمر غير قابل للبحث والنقاش , فوحدة الاراضي السورية والمسألة السيادية دونهما القتال حتى التحرير او الاستشهاد .
لا يبدو ان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان المولع بالاكاذيب , والمناورةوالابتزاز قد فهم الرسائل السورية الواضحة , رغم الرسائل السورية والروسية على السواء المتمثلة بالصدام الميداني بين القوات السورية من جهة، والقوات التركية، والإرهابين من جهة ثانية ,ما يعني ان الجيش السوري لديه قرار واضح , وعلى اردوغان وقف الهروب الى الامام ,ووقف "الفقاعات الصوتية" وهو تعبير للرئيس الاسد.
لقد توعد أردوغان بأنه سيشن عدوانا على الارض السورية تحت مسمى عملية عسكرية جديدة ضد الجيش السوري في إدلب وان العملية مسألة وقت , ينتهي توقيتها نهاية شباط الحالي , رغم الدعوات الروسية المتكررة بضرورة تنفيذ التزاماته شخصيا في محادثات استانا وسوتشي , لا سيما تحديد الفصائل الارهابية كما غير الإرهابية , إلّا انه يواصل التلكؤ والامتناع بموازاة تقديم الدعم للارهابيين ولا سيما جبهة النصرة وغيرها من المصنفة ارهابية لدى روسيا , وحتى في الامم المتحدة يبدو ان الرئيس التركي يلعب ورقته الأخيرة على الطاولة السورية اي - التهديد بالاجتياح -،معتبرا انه بذلك يمكنه تخويف السوريين من جهة، وابتزاز روسيا التي وصفت اي اعتداء تركي من هذا النوع بانه "اسوأ سيناريو"من جهة اخرى ,والتلويح بقطع محتمل للعلاقات الروسية التركية.بموازاة الاستنجاد بالاميركيين تاليا , وهو فعل ذلك, بكل الاحوال بطلبه نصب منظومات باتريوت للتصدي للطائرات السورية , وتامين غطاء دفاعي لطائراته في حال شنت غارات على الجيش السوري.
لقد تبلغت تركيا بوسائل متعددة بانها إذا شنت هجوما، فلن تواجه فقط الجيشين السوري والإيراني وفصائل محور المقاومة ، إنما والجيش الروسي أيضاً, ومهما كانت التداعيات فمن غير المسموح ان تترك سوريا بالميدان وحدها بمواجهة اي عدوان تركي , بموازاة الحرب المستمرة مع الارهابيين والتصدي للاعتداءات الاسرائيلية .
لا شك ان اردوغان الطموح جدا بغير واقعية، لإستعادة حلم الدولة العثمانية , وضع نفسه في شرنقة , قد تودي به اذا لم يصدق في ايجاد مخرج لنفسه , سيما ان حلمه افقده صوابه بالسعي الى ضم سوريا وليبيا باعتبار انهما كانتا اجزاء من الدولة العلية ويجب عودتهما برأيه الى نفوذ تركيا التي يحلم بها .
لقد جرب اردوغان اختبار ما يمكن ان يفعله الجيش السوري وحلفائه في الميدان عندماشنت قواته مع الإرهابيين هجوماً على النيرب،مستهدفة القوات السورية .التي تصدت ببسالة واحبطت الهجوم والحقت خسائر كبيرة بالمعتدين مع تدمير رتل مدرع للاتراك , وكان لافتا إعلان وزارة الدفاع الروسية بأن طائرات سو 24 وجهت ضربات لإرهابيين في إدلب. بعد قصف الطائرات الروسية، أوقفت تركيا الهجوم على مواقع القوات السورية .
اذا تجاوز اردوغان الخط الاحمر , فان تحركا مهما بموازاة الوضع الميداني سيحصل , اذ ان هناك فكرة روسية متداولة , نواتها, انه" من وجهة نظر عسكرية سياسية، يجب على سوريا المطالبة بعودة لواء اسكندرون، أرضها التي سلبتها تركيا بشكل غير قانوني في ايلول1939.وبالتالي على دمشق المطالبة بهذه المنطقة، بما في ذلك مدينة أنطاكية. وهذا سوف يلهم العديد من السوريين، بما في ذلك المعارضة، فهو عنصر أساسي في القومية السورية".
"وأما الخطوة التالية، فطالما أن أردوغان يدعم الإرهابيين، فيمكن للقيادة السورية في المقابل أن تعود لدعم الجماعات الماركسية اللينينية اليسارية في تركيا، كما كان الحال قبل العام 1998"،
يستبعد كثير من الخبراء أن يغامر الرئيس التركي بحرب كبرى، قد تنقلب في النهاية ضده. وحتى في حالة شن عملية عسكرية، فإن خطر الهجوم على القواعد الروسية يبقى ضئيلا، لإن روسيا ستشارك بشكل غير مباشر في المعركة،باشكال مختلفة , ولذا فان اردوغان يكون حشر نفسه في زاوية قاتلة.فهو لن يستطيع مواجهة تحالف سوري إيراني روسي فضلا عن المقاومة على الأراضي السورية. واذا اصغت اذنه للشيطان مع عنجهيته فلن يحصد،الا مئات النعوش وفيها جثث جنوده، حتى لو حصل على دعم حلفاء الاطلسي ،إضافة إلى حصاد يخيفه وهو انخفاض حاد في شعبيته, الامر الذي سيستفيد منه الجيش التركي سيما ان تململا كبيرا يسود اوساط الجيش وان كان يماشي اردوغان في حالات كثيرة .