أقلام الثبات
منذ بدء الحركات الاحتجاجية في تشرين الأول الفائت، يشهد لبنان حملة إعلامية غير مسبوقة، تستهتدف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، والتيار الوطني الحر، ورئيسه النائب جبران باسيل، وما الإعتداءات الأخيرة التي طاولت مناصري التيار، المشاركين في التظاهرة الأخيرة أمام مصرف لبنان، إعتراضاً على السياسات المالية والمصرفية في البلد، على يد بعض أعضاء الحزب التقدمي الاشتراكي. كذلك التعرض للمسؤول في التيار عينه في طرابلس المهندس عفيف نسيم، وشتمه، كل ذلك يأتي في سياق الحملة المذكورة والمبرمجة، الموكلة من المملكة السعودية الى تيار المستقبل، و"القوات اللبنانية"، و"التقدمي" في شكلٍ أساسيٍ، وبعض "الفراطة" كتيار العزم الذي يتزعمه الرئيس نجيب ميقاتي، على حد تعبير مرجع سياسي شمالي. ويحذر من احتمال استمرار الاعتداءات على مؤيدي "التيار البرتقالي"، والتمادي أكثر وأكثر في ذلك، وفقاً لمعطيات متوافرة لدى المرجع. ويكشف أن التعرض للمهندس نسيم، كان مدبراً من قبل جهاز أمني، ومتابعاً من قبله، ودائماً وفقاً لمعلومات مؤكدة في حوزة المرجع.
ويؤكد أن المستهدف الحقيقي بالحملة هو حزب الله، لافتاً الى أن هذه الحملة المبرمجة، تفضي الى إستهداف "الحزب"، عبر محاولة النيل من حلفائه، وإضعافهم، وإشغالهم عن متابعة ملفاتهم، وفي مقدمها تطبيق مكافحة الفساد، والفاسدين، وناهبي الأموال العامة والخاصة، تحديداً أتباع الثنائي "المستقبل" و "الاشتراكي" و بعض ملحقاتهما، في ضوء وجود حكومة إصلاحية، إرتكزت في عملية تأليفها، على إنتقاء أعضائها من أصحاب الكفاءة والنزاهة. الأمر الذي يتهدد الطبقة السياسية التقليدية الفاسدة برمتها، ويمهد الى بلورة نظام سياسي جديد، ودائما برأي المرجع.
وفي السياق يشير الى أن حكومة الرئيس حسان دياب، تحظى بقبول دولي على الأقل، وإلا كيف ولماذا لبى دعوتها مستشارون في صندوق النقد الدولي، للبحث في الحد من الأزمة المالية التي يشهدها لبنان، يسأل المرجع؟. ويرجح أن تثمر هذه المباحثات، بالإضافة الى الجهود المبذولة من الحكومة الى بدء معالجة الوضعين المالي والاقتصادي في الأشهر المقبلة، مؤكداً أن الأفق ليس مغلقاً أمامها، وجازماً ألا مصلحة غربية بإنهيار لبنان، خوفاً من إنتقاله الى "حضن" محور المقاومة بالكامل سياسياً وميدانياً، بحسب تقدير المرجع.
بالعودة الى الحملة المذكورة آنفا، يسهب المرجع في شرح رأيه والمعطيات الموجودة في حوزته، ويلفت الى أن"ثلاثي" سعد الحريري، ووليد جنبلاط، وسمير جعجع، أعجز عن مواجهة حزب الله بالمباشر، لاسباب عديدة، منها ما هو ميداني، ومنها ما هو سياسي وتنظيمي معاً، فهو الأقوى على الساحة اللبنانية، وبوسعه السيطرة على العاصمة والمفاصل الأسياسية في البلد، في حال إندلاع الفوضى. كذلك أثبت قدرته على التعاطي بحكمة مع موجة الاحتجاجات الأخيرة، التي كان ظاهرها مطلبياً، وباطنها حرب ناعمة على المقاومة ومحورها، ولكن بالتأكيد، هذا لاينفي وجود أصحاب النيات الصافية، والمواطنين الشرفاء المحتجين على الأوضاع الاقتصادية الرديئة، في هذه الاحتجاجات، يجزم المرجع. ويلفت الى أن قوة الحزب تكمن من حماية جمهوره أمنياً، بحدٍ مقبول، من خلال ضبط الشارع، وعدم الرد على استفزاز هذا الجمهور في التظاهرات الأخيرة في بيروت وسواها.
كذلك لم يتأثر الحزب بأزمة السيولة المالية لدى المصارف، كونه لا يتعامل معها، ولكن هذا لا يلغي الضائقة الاقتصادية التي تطاول الشعب اللبناني برمته، ومنه جمهور المقاومة، على حد قول المرجع. ويعتبر أن جزءاً اسياسياً من وراء أهداف الحملة على حزب الله، هي محاولة إضعاف أوراقه في أي تسوية لإنهاء الصراع في المنطقة.
وبالإنتقال الى الشأن الإقليمي وإنعكاسه على الأوضاع في لبنان، يكشف المرجع أن هناك تقدماً كبيراً في العلاقات السعودية – السورية، وأن هناك وفداً سعودياً رفيعاً زار دمشق في الأسابيع القليلة الفائتة. ويتوقع المزيد من التطور في العلاقات الثنائية بين البلدين، لمواجهة المد التركي.
وعن الموقف الإيراني من هذا التطور في العلاقة بين "س- س"، يشير المرجع الى أن الجمهورية الإسلامية تنظر الى هذا التطور، بأنه تراجع سعودي، وإنتصار لحليفتها دمشق، لأنها لاتزال في موقعها، والرياض هي التي بدأت بإعادة النظر في سياستها تجاه سورية. ويؤكد المرجع أن إيران حاضرة بقوة كبيرة في المنطقة، ولديها أوراق تفاوضية، ونفوذ كبير في الشرق الأوسط، ولا يمكن لاي طرف تجاوزها، في اي عملية سياسية في المنطقة، يختم المرجع.