الثبات ـ الوحدة والتقريب
* إذا كان نبينا عليه الصلاة والسلام تعايش بسلام مع اليهود وكتب الوثيقة التي عرفت باسم "معاهدة المدينة"، ومن المعروف في قصص السيرة الشريفة أنه عليه الصلاة والسلام ذات يوم قال لملك الجبال بحق من كانوا يؤذونه ويضربوه: أرجو أن يخرج من أصلابهم من يقول لا اله الا الله.
* واذا كان سيدنا عمر رضي الله هدم مسجدا لإعطاء امرأة مسيحية حقها.
* واذا كان علماء الأمة قد اختلفوا في أبناء الكفار والمشركين هل مصيرهم إلى الجنة أم إلى النار.
فكيف لنا أن نرضى كمسلمين ضمن الدين الواحد بأن ننقسم شراذم متناحرين وكلنا يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد عبده ورسوله؟!
لا شك أن التوتر الذي كان بين الطائفتين الرئيسيتين في الإسلام لعب دوره ماضياً وحاضراً في تفكيك ونهش جسد الأمة وجعلنا نغرس في أذهاننا منذ الصغر أن نضع السُّنة مقابل الشيعة ! في حين أن الشيعة مشكلتهم السياسية كانت مع بني أمية ـ ومع ذلك فإن الاختلاف لا يعني الخلاف ـ هذا مجنون ليلى قال في وقتها :
إذا كنت أنا شيعي وليلى "أموية" فإن اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية
هذا مجنون ليلى ... فما بال عقلاء وحكماء الأمة اليوم غرقوا في نزاع عميق جعلوا له تشعبات تمس العقيدة ومزجوها بالسياسة فيما يلبي مصالحهم الشخصية والفردية.
إنّ من واجب رجالات الدين اليوم عدم الركون إلى سلطان شهوة حب الرياسة والظهور و الاستماتة في إثبات أنهم على حق وغيرهم على باطل، كما قال السيد موسى الصدر : إن مشكلة رجال الدين أنهم يظنون أنهم آلهة وأنهم فقط من يفهمون الدين وفقط من يحق لهم أن يتكلموا في الدين.
الدين تسامح وأخلاق ورُقي.. لم يبعث الله الأنبياء والرسل إلا للنهوض بالمجتمع وتعليم الناس الرقي في التعامل بين بعضهم البعض، وفيما بينهم وبينه سبحانه، قال عليه الصلاة والسلام: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق.
إنّ الدعوة إلى الوحدة والصف الواحد ومحاربة الفتنة المذهبية أهم من محاربة "إسرائيل"، لأن الوحدة تعني النصر المؤزر، أما الفتنة فنائمة، ولعن الله من أيقظها. لولا أنَّ الإسلام الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم كان قائماً على العدل والتسامح وصيانة حياة الناس، وكرامتهم أياً كانت اتجاهاتهم، لما رأيناه ساد أرجاء الأرض.