أقلام الثبات
على مسافة قصيرة من شرق المدينة العتيقة في القدس تقع بلدة أبو ديس، التي يطرحها الرئيس الأميركي في خطته "صفقة القرن"، كعاصمة أبدية للفلسطينيين.
أبو ديس لمن لا يعلم، هي امتداد حضري بلا ملامح نسبيا على الطريق القديم إلى أريحا، ولا تحتوي على أي بعد ديني أو ثقافي يمت إلى وسط المدينة التاريخي الذي يحتوي على مواقع مقدسة مسيحية وإسلامية، وأبو ديس التي تحولت من قرية إلى بلدة تتبع محافظة القدس لكنها خارج حدود بلدية المدينة التي حددتها إسرائيل بعد أن احتلت القدس الشرقية من الأردن في عام 1967 ثم ضمتها فيما بعد في خطوة لم يعترف بها معظم المجتمع الدولي، وهذا يعني أن الإسرائليين كانوا قد خططوا منذ سنوات على عزل هذه القرية وتحويلها فيما بعد إلى بلدة لتكون عاصمة بلا ملامح للفلسطينيين.
عاصمة الدولة لن تكون ضمن رصاصتين، وستكون بلا أي مقومات أمنية أو عسكرية، بمعنى أنه لن يسمح للسلطة الفلسطينية فيها أن تشكل جهاز شرطة أو أي أجهزة أمنية أو عسكرية تقوم بدورها لحفظ الأمن وحمايتها من أي إعتداء.
ومن مفارقات بلدة أبو ديس أن المنطقة تضم مبنى كبيرا مغلقا جرى تشييده في فترة تزايدت فيها الآمال في أن يكون موقعا لبرلمان السلطة الفلسطينية، وبات المبنى مهجورا بعد انهيار عملية أوسلو للسلام واندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية قبل حوالي 20 عاما، ومنذ ذلك الوقت، تم عزل الفلسطينيين في أبو ديس عن أحياء القدس إلى الغرب بجدار خرساني مرتفع شيدته إسرائيل لمنع الفلسطينيين من دخول المدينة.
وذكرت وثيقة للبيت الأبيض مصاحبة للخطة الأمريكية أن الحاجز يجب أن يمثل حدودا بين عاصمتي الطرفين، وأضافت الوثيقة أنه يجب أن تكون عاصمة دولة فلسطين ذات السيادة في قطاع من القدس الشرقية يقع في جميع المناطق الواقعة إلى الشرق والشمال من الجدار الأمني الحالي، بما في ذلك كفر عقب والجزء الشرقي من شعفاط وأبو ديس ويمكن تسميتها القدس أو أي اسم تحدده "دولة فلسطين".
من ذكريات البلدة، أن الطلاب في جامعة قريبة كانوا يستخدمون الجدار الفاصل كخلفية لعرض الأفلام خلال ليالي الصيف الدافئة عندما يجلسون في الهواء الطلق، لكنهم لم يدركوا أن هذا الجدار سيتحول إلى حدود لعاصمة دويلة منزوعة الاسنان، يفرضها الإحتلال كي تكون وطن بديلا ومنقوصا لهم.