سلسلة أسماء الله الحسنى ...  اسم الله "المانع"

الأربعاء 15 كانون الثاني , 2020 01:57 توقيت بيروت إسـلاميــّـــات

الثبات - اسلاميات 

 

اسم الله "المانع"

 

اسم المانع: الذي يمنعُ البلاء حفظاً وعناية، ويمنعُ العطاء عمن يشاء ابتلاءً أو حماية.

و"المانع" هو الذي يمنعُ أولياءه ويحوطهم وينصرهم، من المنعة، أو: يمنع من يستحق المنع، أي: الحرمان؛ لأنّ منعه سبحانه حكمة وعطاؤه جود ورحمة، فلا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع.

المنعُ في اللغة ضدُّ العطية، فالمانعُ هو الذي يمنعك ممّا يؤذيك، وهو الذي يكون فيه حيلولة بين شيئين، فالمانعُ أحد أسماء الله الحسنى، وهو الذي يمنع من يستحق المنع، فليس كلّ إنسان يستحق أن يمنعَه الله، ويحميه، ويمنع أهلَ الدين، وينصرهم، ويحميهم، كما يمنع عباده من التقصير في الطاعة والدين، حيث يمنعُ البلاء حمايةً للمؤمن، ويمنع عنه العطاء ابتلاءً له، ودفعاً له للعودة، والتقرّب منه جلّ جلاله، وقد قال بعض العلماء إنّه لا بدّ من قول اسم الله المُعطي مقترناً باسم المانع، فهو مالك المنع، والعطاء، فالمعطي هو من يُمكّن عبادَه من نعمه، والمانع هو الحائل بينهم وبين نعمه.

وقد يكون المانع: الذي يمنع أسباب الهلاك والنقصان بما يخلقه في الأبدان والأديان من الأسباب المعدة للحفظ.

وقد ورد اسم الله “المانع” في السنة النبوية؛ فكان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا فَرَغَ مِنَ الصَّلَاةِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ".

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: "أنَّه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قِبَل نجد، فلما قفل -أي رجع- مع أصحابه، أدركتهم القائلة في واد كثير العضاة، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتفرق الناس يستظلون بالشجر، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرة، وعلَّق بها سيفه ونمنا نومة، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعونا، وإذا عنده أعرابي، فقال: "إن هذا اخترط عليَّ سيفي وأنا نائم، فاستيقظت وهو في يده صلتًا، فقال: من يمنعك مني؟ فقلت: الله "ثلاثًا“، ولم يعاقبه وجلس".

فالنبي صلى الله عليه وسلم قال للرجل عندما سأله: من يمنعك مني؟ الله، الله، الله، تأكيداً على أن الله هو المانع -سبحانه-.

وهو الذي يمنع البلاء حفظاً وعنايةً، ويمنع العطاء عمن يشاء إبتلاءً وحمايةً.

 لا يُعطي لأنَّه يعلم كما أنَّ الأب الطبيب الماهر الذي يعلم أنَّ ابنه مصابٌ بالتهابٍ في معدته، وأنَّ هذه الأكلة تؤذيه، يمنعه من هذا الطعام بحزمٍ وقسوةٍ، والطعام شهي وطيِّب وإخوته يـأكلون في حضوره، لكن الأب مصرٌ على منع هذا الابن من هذه الأكلة الشهيَّة الطيِّبة لأنَّها تؤذي معدته، فهو يمنعه.. ولكن هذا المنع لحكمةٍ بالغة.

والإمام ابن عطاء الله السكندريُّ يقول: "إذا فتح الله بصيرتك رأيت المنع عين العطاء".

 أحياناً قد بُيعدك الله عزَّ وجلَّ عن مجال معين، لأنَّ هذا المجال فيه دنيا، كأن يعمل شاب في محل تجاري فخم والراتب مُغرٍ جداً والبضاعة والبيع للنساء وهو شاب في أوَّل نشأته، ومقاومته هشَّة ضعيفة، فلسببٍ أو لآخر يصرفه صاحب العمل، ما وافق وضعه صاحب المحل فوضع دونه شرطاً تعجيزياً، أو لعدم التزامه صرفه، فيبدو آنياً أنَّه قد منع من هذا المرتب الضخم، ولكن هذا المكان مكانٌ موبوء وهذا الشاب طاهر ومقاومته هشَّة لا تحتمل هؤلاء الغاديات والرائحات، فالله عزَّ وجلَّ صرفه عن هذا العمل، وهو في ظاهر الأمر وباطنه منعه.. والأمثلة في هذا المجال كثيرة لا حصر لها، كيف أنَّ الله سبحانه وتعالى صرف عن أحبابه ما يبدو لهم أنَّه منعٌ وهو في الحقيقة عطاء.. صَرفه عنهم عين العطاء.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل