الثبات ـ ثقافة
بدأت الحياة تدب في عروق سوق خان الحرير، أو كما يسميه الحلبيون سوق المجيدية في مدينة حلب القديمة، والذي دمرته التنظيمات الإرهابية بالكامل خلال سنوات سيطرتها على أجزاء من المدينة، قبل أن يتحول السوق اليوم إلى ما يشبه خلية النحل بوجود الورشات المتعددة، التي بدأت منذ أيام بإعادة تأهيله وترميمه.
وفي ثاني مشروع لها لإعادة إحياء أسواق حلب القديمة، التي أتت عليها الحرب بالكامل، وبعد ترميم "سوق السقطية" بحرفية عالية، بدأت "مؤسسة الآغا خان للخدمات الثقافية" أعمال ترميم سوق خان الحرير، الذي يعد من أهم الأسواق الأثرية في حلب القديمة، ويضم أكثر من 60 محلا تجاريا وثلاثة خانات كانت مخصصة لتجارة الأقمشة وبيع الحلويات والمكسرات والضيافة الحلبية التقليدية.
وقالت المشرفة على العمل المهندسة لولوا خربوطلي من مؤسسة الآغا، إن أعمال ترميم السوق ممولة بمنحة من مؤسسة الآغا خان للخدمات الثقافية وبالتشارك مع المديرية العامة للآثار والمتاحف ومجلس مدينة حلب - مديرية حلب القديمة والأمانة السورية للتنمية، وقد وقع الاختيار على سوق خان الحرير لعدة أسباب وأولها أنه سوق رابط لسوق السقطية النموذجي الذي أعيد ترميمه وافتتاحه مؤخراً والذي تم اختياره من بين الأسواق في المحور الممتد من باب أنطاكيا وحتى سوق الزرب، وهو سوق يضم مختلف الفعاليات، ومنه سيتم التشعب وترميم الأسواق القديمة، ولذلك فإن أول سوق تم اختياره من بين هذه الأسواق هو سوق خان الحرير".
وأوضحت خربوطلي، أن سوق خان الحرير يمتد على طول 140 مترا ويتضمن 60 محلاً، "وقد قسمنا عمليات الترميم إلى قسمين، شمالي يتضمن 18 محلاً، وجنوبي يتضمن 42 محلاً، وتتضمن أعمال الترميم الأعمال الحجرية للواجهات على كامل الارتفاعات، وكذلك فتح وتفريغ الحشوات بين الحجارة لإعادة تكحيلها"، لافتة إلى أن المدخل الشمالي للسوق الذي يضم خان الحرير وخان جاكي، تعرض خلال سنوات الحرب لدمار كبير وفيه محلان مدمران بشكل كامل، وستتم إعادة ترميمها وتأهيلها "كما يشمل الترميم في القسم الشمالي أعمالا إنشائية للمحال التجارية وفق نظام العمارة التقليدية الحلبية والبناء بالحجر الكلسي باستخدام طريقة الغمس، كما سيتم تزويد محلات السوق بأبواب خشبية وهياكل معدنية للحماية، وبعتبات بازلتية وبحديد حماية علوي مع الزجاج".
وأضافت خربوطلي، "لا تتضمن أعمال الترميم داخل المحلات ولكن هناك مبادرة من قبل التجار للقيام بترميم محلاتهم من الداخل بالتزامن مع عمليات ترميم السوق، وكذلك لا يوجد أعمال تأهيل تذكر للبنية التحتية، حيث إن البنية التحتية في السوق شبه جاهزة.
تجدر الإشارة إلى أن خان الحرير هو أحد أهم الخانات الموجودة في حلب ويحتوي على محلات ومنشآت لتجارة وبيع النسيج والحرير ومختلف أنواع الاقمشة من الصناعات السورية في مدينة حلب العريقة في هذه الصناعة والمشهورة بها منذ القدم، وبها أهم مصانع النسيج في المنطقة واشهرها .
وبدأت الحياة تعود تدريجيًا إلى أسواق حلب القديمة، التي أوليت عناية كبيرة من المعنيين لإعادة تأهيلها، وعودة النشاط التجاري إليها، لما تمثله من أهمية وثقل اقتصادي كبير في حلب وسورية بشكل عام، وجرى تأهيل نحو 7 أسواق من أصل 55 سوقاً تتوضع على مساحة 16 هكتاراً ويبلغ طول المسقوف منها 14 كيلومتراً، وهي بذلك أطول سوق مسقوفة في العالم.