الثبات - اسلاميات
أسماء النبي صلى الله عليه وآله وسلم
من دلائل علو قدر النبي صلى الله عليه وآله وسلم تعدد أسمائه التي تدل على كثرة خيره، وعلو مكانته وتعدد شمائله، فإنَّ كثرة الأسماء مع حُسْنِها تدل على كثرة الصفات والمحامد التي يقوم بها المُسمَّى بتلك الأسماء، ولما كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد بلغ الغاية في الكمال الإنساني فقد اختصه الله سبحانه وتعالى بتعدد أسمائه وصفاته، والتي تُظْهِر بجلاء شمائله وخصائصه التي تفضّل الله بها عليه في الدنيا والآخرة، ولا يُعرف من الكتاب والسنة نبيٌّ من الأنبياء له من الأسماء ما لنبينا صلى الله عليه وآله وسلم.
من أسماء النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
محمد، أحمد سمَّي الله عز وجل النبي صلى الله عليه وآله وسلم في القرآن الكريم بـ: "محمد"، و"أحمد"، وذكر اسم محمد في عدة مواضع، منها قوله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ}.
ومُحَّمد هو كثير الخصال التي يُحمد عليها، قال حسان بن ثابت رضي الله عنه:
وشقَّ له من اسمه ليُجِلّه ... فذو العرش محمود وهذا مُحَمّد
أما اسم "أحمد": فقد ذُكِرَ في القرآن الكريم مرة واحدة في قول الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرائيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ}.
قال ابن حجر رحمه الله: "ومما وقع من أسمائه في القرآن بالاتفاق الشاهد، المبشر، النذير المبين، الداعي إلى الله السراج المنير، وفيه أيضا المذكر، والرحمة، والنعمة، والهادي، والشهيد، والأمين، والمزمل، والمدثر".
من أسماء النبي: الماحي، الحاشر، العاقب
ثبت في أحاديث صحيحة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما ظاهره تحديد عدد أسمائه صلى الله عليه وسلم، كحديث جبير بن مطعم رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "لي خمسة أسماء: أنا محمّد، وأحمد، وأنا الماحي الّذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الّذي يحشر النّاس على قدمي، وأنا العاقب".
قال الحافظ ابن حجر: "والذي يظهر أنَّه أراد أنَّ لي خمسة أسماء أختص بها لم يُسَمَّ بها أحد قبلي، أو مُعَّظمة، أو مشهورة في الأمم الماضية، لا أنه أراد الحصر فيها".
وفي رواية مسلم: أنّ النّبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "لي خمسة أسماء: أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يُحشَر الناسُ على قدَمَيَّ، وأنا العاقِب، والعاقِبُ: الذي ليس بعده نبيٌّ، وقد سماه الله رَؤوفاً رحيماً" رواه مسلم.
من أسماء النبي: المتوكل
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: "قرأت في التوراة صفة النبي صلى الله عليه وآله وسلم: محمد رسول الله، عبدي ورسولي، سميته المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ" رواه البخاري.
من أسماء النبي: المُقَفِّي، نبي التوبة، نبي المرحمة، نبي الملحمة
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: كان رسول صلى الله عليه وآله وسلم يسمي لنا نفسه أسماء فقال: "أنا محمد، وأحمد، والمُقَفِّي، ونبي التوبة، ونبي المرحمة" رواه مسلم، وفي رواية أخرى: "ونبي الملحمة" .
من أسماء النبي: المختار، المصطفى، الشفيع المشفع، الصادق المصدوق
قال ابن حجر: "من أسمائه المشهورة: المختار، والمصطفى، والشفيع المشفع، والصادق المصدوق".
بعض معاني أسماء النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
الماحي: هو الذي محا الله به الشرك والعقائد الوثنية من الجزيرة العربية.
الحاشر: هو الذي يُحشر الناس على قدمه أي على أثره، فكأنَّه بعث ليحشر الناس.
العاقب: الذي جاء عقب الأنبياء فليس بعده نبي فإن العاقب هو الآخر، فهو خاتم الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
المُقَفِّي: هو الذي قفى على آثار من تقدمه وسبقه من الرسل، فكان خاتمهم وآخرهم.
نبي التوبة ونبي الرحمة: قال النووي: "ومقصوده أنَّه صلى الله عليه وآله وسلم جاء بالتوبة والتراحم"، فهو الذي فتح الله به باب التوبة على أهل الأرض فتاب الله عليهم توبة لم يحصل مثلها لأهل الأرض قبله، وكان صلى الله عليه وآله وسلم أكثر الناس استغفاراً وتوبة.
نبي الملحمة: هو الذي بُعِث بجهاد أعداء الله، فلم يجاهد نبي وأمته قط ما جاهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأمته.
الأمين: هو أحق الناس صلى الله عليه وآله وسلم بهذا الاسم، فهو أمين الله على وحيه ودينه، وهو أمين مَنْ في السماء، وأمين من في الأرض، ولهذا كانوا يسمونه قبل النبوة "الأمين".
البشير: هو المبشر لمن أطاعه بالثواب، والنذير المنذر لمن عصاه بالعقاب، وقد سماه الله عبده في مواضع من كتابه.
المنير: سماه الله سراجاً منيراً، وسمى الشمس سراجاً وهاجاً، فالمنير هو الذي ينير من غير إحراق، بخلاف الوهاج فإنَّ فيه نوع إحراق وتوهج.
كتب ومصنفات في أسماء النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
لقد صنف العلماء في أسماء النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعددها مصنفات كثيرة، وخصص المصنفون في السِيَّر والشمائل أبواباً لبيان أسمائه صلى الله عليه وآله وسلم، كما فعل القاضي عياض في كتابه "الشفا بتعريف حقوق المصطفى".
قال الإمام ابن حجر: "نقل ابن العربي في شرح الترمذي عن بعض الصوفية أن لله ألف اسم، ولرسوله صلى الله عليه وسلم ألف اسم".
فائدة: أباح النبي صلى الله عليه وآله وسلم لنا أن نتسمى باسمه ولا نتكنى بكنيته، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "تَسَمَّوْا باسْمِي، ولا تَكَنَّوا بكُنْيَتي، ومن رآني في المنام فقد رآني، فإنَّ الشيطان لا يتمثل في صورتي، ومن كذب عليَّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار".
والحب الصادق له صلى الله عليه وآله وسلم يكون باتباعه والاقتداء به ظاهرا وباطنا كما قال الله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}، وقال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}.