أقلام الثبات
هب العالم نصرة للنفط المشتعل في مصافي "ارامكو "السعودية, ولم يبق من دول العالم المتجبر الذي تسري في عروقه المشتقات النفطية كيان الا وبث من سمومه المتبخرة من النفط , دون ان يلتفت لضحايا اليمن الذين يقتلون منذ سنوات خمس , باسلحة من سمى نفسه العالم المتحضر , وباشراف خبرائه على القتلة وادارة القتل المنظم سواء باستهداف الاسواق الشعبية , او اعراس ابناء اليمن , ومجالس العزاء , او حتى بنشر الاوبئة , وليست الكوليرا الا احداها.
لقد انتقلت القوات المسلحة اليمنية وضمنا انصار الله الى المرحلة التي كانوا حددوها مسبقا عندما هاجموا بعشر طائرات مسيرة مصفاة وحقل الشيبة في تموز الماضي, واعترفت السعودية بعد تلكؤ بان المنشأت تلك هوجمت فعلا بمسيرات مفخخة , وعلى لسان وزير الطاقة انذاك خالد الفالح , واعلن الناطق باسم انصار الله محمد عبد السلام , الانتقال الى مرحلة جديدة من التصعيد ضد السعودية ما لم يتوقف العدوان على الشعب اليمني , وان العنوان الابرز سيكون هو الاستهداف الاقتصادي المفتوح , بعد انذار سابق بعواصف نارية قادمة عندما تم ضرب محطتي ضخ من المنطقة الشرقية على خط بقيق- ميناء ينبع في ايار.
لم يخف اليمنيون ولا لحظة ما سيقدمون عليه ما لم يتوقف قتل الشعب باشكال مختلفة ونادوا دوما بالمفاوضات لوضع حد لشلال الدم والدمار , بينما العالم الذي لا يزود اصحاب "عاصفتي الحزم والامل" بالسلاح , كان يتفرج على فنون تحالف السعودية في الجرائم غير المسبوقة تحت عنوان "دعم الشرعية".
وكلما رد اليمنيون على الجرائم باستهداف مراكز وقواعد عسكرية للتحالف المترنح تصدر الادانات ضد الضحية, وسط مكابرة سعودية وكيل الاتهامات لايران من جهة,واصرار على رفض مقابلة الحفاة الذين هزموا تحالفها , دون استخدام العقل ولو لمرة ,دون وتشخيص سليم للازمة ينهي حربهاالعدوانية.
لقد سجل استهداف "ارامكو"بما تعنيه في الاقتصاد والسياسة السعوديين مفاجأت عدة .لم تجد السعودية في جعبتها الا اتهام ايران بالتنفيذ , انعكاسا للحقد المتراكم , ومحاولة تحريض العالم على شن حرب على ايران , كي تطفئ الطبقة الحاكمة من ال سعود نار الحقد المتأججة بسبب فشلها المتكرر في اخضاع اليمن وشعبه .
المفاجأة الاولى , كيفية الوصول الى المنشأت التي اوقف حريقها الانتاج لاسابيع مضافا اليها الخسائر المالية والاقتصادية .
فشل المنظومات الدفاعية التي صرفت عليها السعودية مليارات الدولارات في اكتشاف الاداة التي هاجمت وفجرت الاهداف .ما حدا بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين عندما سئل عن الامر للسخرية من المنظومات الاميركية , والقول عليهم شراء منظومات اس-300 الروسية.
الارباك في تحديد الادوات المستخدمة اكانت طائرات مسيرة او صواريخ بالستية , وتوزيع التهم تارة الى العراق بانها انطلقت من اراضيه , وتارة الى ايران , مع استمرار المكابرة , بان ما جرى ليس من صنع انصار الله .
الموقف الاميركي الصادم للقيادة السعودية الذي صدر عن الرئيس دونالد ترامب رغم اتصالات ومواقف المواساة من وزير الدفاع , ووزارة الخارجية الاميركيين المصاحبين لتمريرة مخابراتية بان الاميركيين لديهم معلومات ان ايران تقف وراء الضربة لكن "هذا الاستنتاج لم تعلنه واشنطن بشكل رسمي", فترامب نطق اولا بان بلاده لم تعد بحاجة الى نفط الشرق الاوسط ,وان واشنطن "تعتقد"بانها تعرف من وراء الهجوم ,,لكن تنتظر التحقق وتقييم السعودية قبل ان تقرر كيف تتعامل مع الامر ,,ليتبع ترامب بمفاجأة اخرىاكثر صدمة, :بان على السعودية تحمل المسؤولية الاكبر في ضمان امنها , وعليها ان تفكر في دفاعها بجدية ,,وفي حال كنا سنساعدهم,فسيتطلب ذلك مشاركة مالية كبيرة منهم ودفع ثمن ذلك.
ليس عابرا ما اعلنته روسيا بضرورة عدم التسرع والخروج باستناجات بشأن الجهة التي قصفت المنشأت , وهذه نصيحة بالكف عن اتهام ايران , فيما اعلنت الصين ان القاء اللوم دون تحقيق امر غير مسؤول .
بات واضحا المسار الدولي رغم احتمالات تغيير في الموقف الاميركي لتنضيب الخزائن السعودية , الا ان المهم ايضا ان الاحلاف التي تقيمها السعودية وتلقى الفشل تلو الفشل تستوجب صحوة عقلانية , تبدأ من وقف العدوان بالتزامن مع وقف التحريض على محور المقاومة الذي له الحق منفردا ومجتمعا ان يرد على محور الشر الممتد من السعودية وجوارها الى الكيان الصهيوني وحتى الولايات المتحدة , ما دام الحلف الشرير يعمل معا وبالمفرق ايضا لان البادئ اظلم .
لقد استخلص المحلل الاسرائيلي المتخصص بشؤون الشرق الاوسط والشؤون العربية -ايهود يعاري - ان استهداف المنشأت السعودية- ارامكو- يمثل اخفاقا اميركيا -سعوديا , سيما ان الرادارات السعودية اصيبت بالعمى وكذلك الاميركية , وانه ايضا بمثابة تحذير , وانه بامكان طهران تسديد ضربة دقيقة وسريعة لاهداف حساسة لخصومها , وكما نفذت الضربة في السعودية فبامكانها محاولة تنفيذ ضد اسرائيل , وكل الاسلحة المتاحة يمكن ان تصل الى حزب الله وربما الى حماس , ليستنتج بان ما جرى هو درس مهم لاسرائيل.
ان ما جرى ليس درسا لاسرائيل وحدها , انما درس لكل القوى المتجبرة وذات الطبيعة العدوانية , بان للباطل جولة وان طالت .