أقلام الثبات
كشف التحالف السعودي - الإماراتي المسيّر أميركياً، عن حقيقة أهدافه من وراء عدوانه المستمر على اليمن منذ قرابة الخمس سنوات. فهو أما أن يحتله ويخضعه لشروط واعتبارات المشاريع والمصالح الأميركية و"الإسرائيلية" في المنطقة؛ ويتملك ارادته وامكاناته، أو يقسمه ويدمره، محاولاً تعطيل دوره ووجوده من أساسه، على غرار محاولاته في كل من سورية والعراق ولبنان وحالياً في ليبيا وغيرها من البلدان العربية. وقد يكون السودان على هذه اللإئحة الإجرامية، في تكامل مع العدوان الأميركي- "الإسرائيلي" المستمر منذ عقود، حيناً بالعمل العسكري وحيناً آخر بالعقوبات الإقتصادية.
وبوضوح لا يقبل أي التباس، أشرف هذا التحالف الذي يدعي "العروبة"، خلال الأيام الماضية، على التخلص من "ورقة التوت" التي كان يستر بها عورته وهي "شرعية" تابعه عبد ربه منصور هادي، الذي يعيش هو و"حكومته" في فنادق الرياض، منذ أن فر هارباً من صنعاء بعد أن تآمر على الثورة التي أطاحت بنظام حكم علي عبد الله صالح.
وإذ حاولت السعودية تغطية سموات تآمرها هذا، بقبوات ادعائها ارسال لجنة عسكرية أمس، الخميس، إلى العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، لإلغاء مفاعيل "الإنقلاب" الذي نفذته قوات "المجلس الانتقالي الجنوبي" ضد "حكومة" هادي؛ والانسحاب من المواقع التي سيطرت عليها بدعم إماراتي، أدى إلى الغاء كل وجود فعلي لمؤيدي هادي فيها، فإن المجلس المذكور سرعان ما أعلن في بيان له استمرار سيطرته على عدن؛ و"إنفصاله" عن الشمال اليمني واستعادة ما أسماه " دولة الجنوب". مؤكداً أنه سيواصل جهوده لبسط سيطرته على بقية المحافظات الجنوبية. ومتعهداً "القتال" إلى جانب دول العدوان ضد "اليمن الشمالي".
وفيما حملت حكومة هادي الإمارات مسؤولية "الانقلاب على الشرعية" في عدن. وطالبتها بسحب ووقف دعمها العسكري لتلك "المجموعات المتمردة بشكل كامل وفوري"، لم تنس التذكير بأن ما أسمته "تحالف دعم الشرعية، بقيادة السعودية، جاء في الأساس استجابة لدعوة من الرئيس عبد ربه منصور هادي للعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، استناداً إلى القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة لحماية اليمن من الانقلاب الحوثي المدعوم من إيران".
وبموجب تلك الدعوة، تقود السعودية والإمارات منذ 2015، "تحالفاً عربياً" ينفذ عمليات عسكرية استهدفت كل مرافق ومؤسسات الدولة اليمنية وجيشها، ولم تستثن الشعب اليمني من أعمال القتل، إن كان بالقصف الجوي، أو بالعمليات البرية.
وبحسب المراقبين اليمنيين، فان السعودية والامارات تريدان اصابة عصفورين بحجر واحد في تسليمهما عدن وبعض مناطق الجنوب اليمني للمجلس الإنتقالي، الأول هو التخلص من هادي وأتباعه بعدما باتوا عبئاً عليهما. والثاني التخلص من "لزقة" حزب الإصلاح الإخواني، هذا الحزب، الذي يصر على الإلتحاق بالسعودية، استثناء عن كل جماعات "الإخوان المسلمين" في كل الدول العربية والإسلامية، بعدما أشهرت السعودية والإمارت حربها عليهم وعدائها لهم. خصوصاً أن فشل التحالف الذي تقوده السعودية في تحقيق أي من أهدافه العسكرية في اليمن، بل وتحول الشرعية الشعبية في صنعاء الى الرد والردع العسكري ضد قوات العدوان؛ وضد الأراضي السعودية، أو اليمنية التي سبق أن احتلتها السعودية مثل جيزان ونجران وعسير.
وتجزم أوساط يمنية على القول، أن الاهداف التي تريدها السعودية والإمارات هي: 1-تدمير اليمن بحجة تخليصه من "الانقلابيين". 2- اعادة تقسيمه لاضعافه وابقائه خاضعا وتابعا للمملكة والامارات.3- ضم أجزاء جديدة للملكة كحضرموت والمهرة، لضمان عدم استخراج اليمن كميات النفط الضخمة المتوفرة فيها؛ ولتمرير أنبوب نفط عبرها، يخلص السعودية من المرور الإلزامي لنفطها في مضيق "هرمز". 4- اعطاء عدن وخصوصاً ميناءها الإستراتيجي وجزيرة سقطرة للإمارات.
وتذكر تلك الأوساط، بأن عبد العزيز آل سعود مؤسس "الدولة السعودية الثالثة" ترك لأبنائه وصايا منها: "1- الحكم لأولادي ومن بعدهم أحفادي. 2- اضربوا واطعموا ولا تتركوا يد مصر تصل إلى سورية ولا تدعوا سورية تصل إلى العراق. 3- لكل جسد قلب ورأس، فرأس الأمة مصر وقلبها سورية، أضربوا الرأس واطعنوا القلب حتى لا تنته مملكة آل سعود. 4- لا تغفلوا عن اليمن فعزكم في ذلها وذلكم في عزها". ويلفتون إلى أن عبد العزيز ترجم قوله هذا بغزوه اليمن واحتلاله عسير وتهامة. ثم جاء من خلفه ليقتطع جيزان ونجران. وليتآمر على سورية ومصر والعراق.
المهم في هذا التطور اليمني الخطير، هو سقوط الإدعاء السعودي – الإماراتي بالحرص على اليمن، فبعد تدمير معظم مرافق هذا البلد العربي، بالغارات الجوية وقتل عشرات الآلاف من المدنيين اليمنيين وتجويع الملايين منهم وارتكاب التحالف أبشع الجرائم بحقهم، ها هو هذا التحالف يرعى تقسيم اليمن ويحاول الإستيلاء على أجزاء منه، في حين أن الجمهورية الإسلامية في إيران، التي يوجه لها هذا التحالف شتى الإتهامات الكاذبة، تؤكد على لسان قائدها السيد على خامنئي، تمسكها بوحدة أراضي اليمن وتتهم كلاً من السعودية والإمارات بالسعي إلى تقسيمه.
هي جريمة جديدة ترتكبها السعودية والإمارت بحق اليمن، بعد الهزائم العسكرية التي منيتا بها على أيدي رجال الجيش اليمني واللجان الشعبية، الذين بكل تأكيد، سيواصلون قتالهم البطولي حتى إسقاط كل الأهداف التي ينفذها التحالف السعودي في اليمن.