أقلام الثبات
ماذا عن الأسرى اللبنانيين في السجون الفرنسية؟
سؤال يطرح بإلحاح أمام بعض الغزل من سياسيين لبنانيين نحو الأم الحنون ؟
جورج ابراهيم عبدالله: المناضل اللبناني الذي ناضل في صفوف الحركة الوطنية، ثم التحق بالمقاومة الفلسطينية، دفاعاً عن الشعب اللبناني والفلسطيني. جُرح أثناء الاجتياح الإسرائيلي لقسم من الجنوب اللبناني في العام 1978.
أحدث العدوان الإسرائيلي المتمادي على الشعب اللبناني والفلسطيني، في ظل الصمت العالمي الذي بلغ حد التواطؤ، لا سيما مع عدوان العام 1982 الشامل على لبنان والذي توج بأحد ابشع مجازر العصر المتمثلة بمجزرة صبرا وشاتيلا التي راح ضحيتها اكثر من 3 الاف لبناني وفلسطيني بينهم أطفال ونساء وشيوخ ،مما احدث ثورة عارمة في نفوس الكثير من اللبنانيين والعرب الذين اندفعوا يجوبون دول العالم في محاولات منهم لملاحقة الصهاينة رداً على الخسائر الفادحة التي لحقت بشعبنا العربي.
كان جورج عبدالله واحد من تلك المحاولات الكفاحية، التي تتغاضى دول النظام العالمي الجائر بقيادة الولايات المتحدة الأميركية عن نبل دوافعها الإنسانية العارمة، تلك الدوافع النابعة من عمق جراح شعبنا ومن تراثه العريق ومن ثروة الإنسانية جمعاء في حقوق الإنسان، وفي طليعتها الحق في الحرية القومية للشعوب في التحرر من الاستعمار.
جورج ابراهيم عبد الله، أقدم السجناء السياسيين في فرنسا، مسجون منذ 36 عاما بتهمة التواطؤ في اغتيال الديبلوماسيين، الأمريكي تشارلز راي بباريس، والصهيوني ياكوف بارسيمنتوف بستراسبورغ ما بين 1981 و1984.
بمرور السنين أصبح جورج إبراهيم عبد الله من أقدم السجناء في فرنسا، انتهت مدة سجنه في العام 1999 وحصل على حكم بالإفراج المشروط في العام 2003، لكن المحكمة استأنفت القرار وألغي في تشرين الثاني/نوفمبر من العام 2004 بعد ضغوط أمريكية وصهيونية .
أثر مصير جورج ابراهيم عبد الله على أعداد كبيرة من الناشطين اليساريين في فرنسا ، والذين يتهمون الحكومات الفرنسية المتعاقبة بالتعنت والخضوع للإرادة الأميركية والصهيونية ، وينظمون تظاهرات ويطالبون بالإفراج عنه.
إلى المناضل جورج عبدالله ، يضاف اسير آخر هو مازن الاتات ، مما يشير إلى سلطة ايمانويل ماكرون الناتجة المولودة من رحم اسرة روتشيلد ، خاضعة للضغوط الأميركية والصهيونية كليا .
وفي تفاصيل قضية الاتات كما أوردتها الزميلة "الاخبار" ، فإن القضاء الفرنسي رفض طلب إخلاء سبيل اللبناني مازن الأتات، الموقوف في العاصمة الفرنسية باريس منذ نهاية تشرين الاول الفائت، من دون أي تهمة موجهة إليه. 8 أشهر قضاها في السجن، رغم أنه لم يرتكب أي جرم على الأراضي الفرنسية. سبق أن لوحق في جريمة تبييض أموال، إلا أن المحكمة الفرنسية برّأته من التهمة، وأمرت بإطلاق سراحه. لكن في اليوم نفسه، جرى توقيفه على باب المحكمة. والسبب أن الولايات المتحدة الاميركية طلبت ترحيله إلى نيويورك لمحاكمته بجرم تمويل الإرهاب (حزب الله)، وخرق العقوبات الأميركية على إيران وروسيا وسوريا، عبر الاتجار بالسلاح والنفط.
بعد مضيّ 8 أشهر، لم ترسل السلطات الاميركية أي دليل ذي قيمة إلى السلطات الفرنسية، لإقناعها بضرورة تسليم الموقوف اللبناني. لكن ذلك لم يمنع الفرنسيين من ممارسة الضغوط على «معتقلهم». فالادعاء العام الأميركي يعرض على الأتات اتفاقاً يقضي بخفض عدد سنوات سجنه، وبتغريمه مبلغاً مالياً، مقابل اعترافه بالتهم المنسوبة إليه، مع موافقته على الانتقال إلى الولايات المتحدة الأميركية للمحاكمة. وفيما يرفض الأتات هذا العرض، يصعّد القضاء الفرنسي من وتيرة الضغوط عليه. وبعد إبلاغه بالموافقة المبدئية على إطلاق سراحه المشروط (أن يحمل سواراً إلكترونياً حول معصمه لتحديد مكانه، وأن يبقى داخل بقعة جغرافية محددة في العاصمة الفرنسية)، عاد القضاء الفرنسي ليبلغه، رفضه طلب إخلاء السبيل. وبحسب معنيين بالقضية، فإن القضاء الفرنسي يريد، بهذا القرار، أن يضغط على الموقوف لإجباره على توقيع اتفاق مع الأميركيين. وفي حال تحقق ذلك، يستطيع الفرنسيون أن يغسلوا أيديهم من قرار تسليم الأتات إلى الولايات المتحدة ، عبر القول «إنه هو من وقّع اتفاقاً يقضي بانتقاله إلى نيويورك حيث سيُحاكَم، ولم نسلّمه نحن».
في مقابل التعسّف الفرنسي هذا، تقف السلطة اللبنانية غير آبهة بمصير مواطنيها (في حال تسليم الاتات إلى واشنطن، من المتوقع أن تطلب السلطات الأميركية تسليم آخرين مسجونين في فرنسا). وزارة الخارجية استقبلت، عبر أحد موظفيها، عائلة الموقوف، لكن من دون أي إجلاء عملي ذي قيمة. المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم استقبل وفداً من العائلة أيضاً، وأجرى سلسلة اتصالات بالجانب الفرنسي. حتى اللحظة لا تجاوب مع مسعاه. مدير محطة الاستخبارات الفرنسية في بيروت يجيب سائليه (في الأمن العام) بأن ملف الأتات «شأن قضائي لا صلة لنا به».