الثبات ـ إسلاميات
القمر آية من آيات الله تعالى، وسنة كونية من السنن الدالة عليه سبحانه، قال تعالى: (تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاء بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُّنِيرًا) الفرقان/61، فإذا خسف القمر كان على المؤمن أن يتذكر الله تعالى، ويلجأ إلى الصلاة التي تُسمى (صلاة الخسوف)، يلتجئ فيها المسلم إلى الله عز وجل؛ لجلال الحدث وعِظَم هذه الآية.
وهذه الصلاة سنة مؤكدة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ آيَتانِ مِنْ آياتِ اللَّهِ، لا يَنْكَسِفانِ لِمَوْتِ أحَدٍ ولا لِحَياتِهِ؛ فَإذا رَأيْتُمُوهُما فَادْعُوا اللَّهَ وَصَلُّوا حَتَّى يَنْجَلِيَ) متفق عليه.
ويبدأ وقتها من ظهور الخسوف إلى حين زواله؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا رَأيْتُمُوهُمَا فَادعُوا اللهَ وَصلُّوا حَتَّى يَنْجَلِيَ) رواه البخاري.
وتُسنُّ فيها الجماعة، وينادى لها: 'الصلاة جامعة'، وإن كانت تُسن أيضاً للمنفرد والمرأة في بيتها، كما جاء في [مغني المحتاج 1 /599]: 'تُسن للمنفرد والعبد والمرأة والمسافر'، ويُسن الاغتسال لها، فيُغتسل قبلها كما يغتسل لصلاة الجمعة؛ لأنها في معناها من حيث الاجتماع وندب الجماعة.
ويُصلى لخسوف القمر ركعتان، في كل ركعة قيامان يطيل القراءة فيهما ويجهر بالقراءة، وركوعان يطيل التسبيح فيهما.
جاء في [عمدة السالك، ص87]: 'وأكملها: أنْ يقرأَ بعدَ الافتتاحِ والتعوذِ والفاتحةِ: البقرة في القيام الأول، وآل عمران في الثاني، والنساء في الثالث، والمائدة في الرابع، أو نحو ذلك، ويسبح في الركوع الأول بقدر مئة آية من البقرة، وفي الثاني بقدر ثمانين، وفي الثالث بقدر سبعين، وفي الرابع بقدر خمسين، وباقيها كغيرها من الصلوات، ثم يخطب خطبتين كالجمعة' انتهى.
ويخطب بعدها خطبتين كخطبتي الجمعة ـ في الأركان والشروط ـ يحث الناس فيهما على التوبة وفعل الخير، ويُحذرهم من الغفلة والاغترار.
ويُسن الإكثار من ذكر الله تعالى، والاستغفار، والتكبير، والصدقة، والتقرب إلى الله تعالى بالأعمال الصالحة.
وإذا فات وقت صلاة الخسوف ـ بأن انجلى القمر قبل أن تُصلى- لم يُشرع قضاؤها؛ لأنها من الصلوات المقرونة بسبب، فإذا ذهب السبب فقد فات موجبها. والله تعالى أعلم