الثبات - إسلاميات
أخلاق نبوية ... "العفو"
إنما الدين حسن الخلق، والعفو عن المخطئين من الأخلاق الإسلامية الحميدة التي ينبغي أن يتصف بها المسلمون.
معنى العفو: العَفْو هو التَّجاوزُ عن الذَّنْب، وتَرْكُ العِقَاب عليه، وأصلُه المَحْوُ والطَّمْسُ.
العَفُوُّ من أسماء الله الحسنى:
قال الله تعالى: {إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا}
نبينا يحثنا على العفو عن الناس:
-جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ، فَقَالَ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ كَمْ نَعْفُو عَنْ الْخَادِمِ؟ " فَصَمَتَ، ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِ الْكَلامَ، فَصَمَتَ، فَلَمَّا كَانَ فِي الثَّالِثَةِ قَالَ: "اعْفُوا عَنْهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ سَبْعِينَ مَرَّةً".
-عَنْ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ: "مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلاَّ عِزًّا، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلاَّ رَفَعَهُ اللَّهُ".
من أقوال السلف الصالح في العفو عن الناس:
-قال الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "إذا قدرت على عدوك، فاجعل العفو عنه، شكرًا للقدرة عليه"
-قال الحسن البصري رحمه الله: "أفضلُ أخلاق المؤمن العفو"
-قال سعيد بن المسيب رحمه الله: "ما من شيء إلا والله يُحبُّ أن يُعفَى عنه ما لم يكن حدًّا"
-قال الأحنف بن قيس رحمه الله: "إياكم ورأي الأوغاد، قالوا وما رأى الأوغاد؟ قال الذين يرون الصفح والعفو عارًا"
نبينا هو القدوة في العفو عن الناس:
-عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: "مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ شَيْئًا قَطُّ بِيَدِهِ وَلاَ امْرَأَةً وَلاَ خَادِمًا، إِلاَّ أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَمَا نِيلَ مِنْهُ شَيْءٌ قَطُّ فَيَنْتَقِمَ مِنْ صَاحِبِهِ إِلاَّ أَنْ يُنْتَهَكَ شَيْءٌ مِنْ مَحَارِمِ اللَّهِ فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ عز وجل"
-عفو الرسول عن أهل مكة: لما فتح الرسول مكة، اجتمع له أهلها عند الكعبة، ثُمّ قَالَ: "يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ مَا تُرَوْنَ أَنّي فَاعِلٌ فِيكُمْ؟» قَالُوا: "خَيْرًا، أَخٌ كَرِيمٌ وَابْنُ أَخٍ كَرِيمٍ" قَالَ: «اذْهَبُوا فَأَنْتُمْ الطّلَقَاءُ".
صور من عفو الصحابة:
كان أبو بكر ينفق على مِسْطح بن أثاثة لفقره وقرابته منه، وكان مِسْطح من الذين خاضوا في حادث الإفك، وتكلم في عِرض عائشة، فلما عَلِمَ أبو بكر بذلك، أقسم ألا ينفق عليه بعد ذلك، فأنزل الله تعالى: {وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.
فقَالَ أَبُو بَكْرٍ: "بَلَى وَاللَّهِ يَا رَبَّنَا، إِنَّا لَنُحِبُّ أَنْ تَغْفِرَ لَنَا، وَعَادَ لمسطح بِمَا كَانَ يَصْنَعُ"
-جلس عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في السوق يبتاع يشتري طعامًا، فابتاع ثم طلب الدراهم، وكانت في عمامته فوجدها قد سُرقت؛ فقال: "لقد جلست وإنها لمعي"، فجعلوا يدعون على مَن أخذها، ويقولون: "اللهم اقطع يد السارق الذي أخذها، اللهم افعل به كذا"، فقال عبد الله: "اللهم إن كان حَمَلَه على أَخْذِها حاجةٌ فبارك له فيها، وإن كان حَمَلتْهُ جَرَاءَةٌ على الذنْب فاجعلها آخر ذنوبه"
صور من عفو التابعين:
-جاءت جارية ميمون بن مهران ذات يوم بصَفْحة وعاء فيها مرقة حارة وعنده أضياف، فعثرت، فصبت المرقة عليه فأراد ميمون أن يضربها، فقالت الجارية: "يا مولاي استعمل قول الله تعالى: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ} قال لها: "قد فعلت"، فقالت: "اعمل بما بعده {وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ} فقال: قد عفوت عنكِ، فقالت الجارية: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} قال ميمون: "قد أحسنت إليكِ، فأنت حرة لوجه الله تعالى".