​إيران وإفشال الحروب الأميركية ـ يونس عودة

الثلاثاء 18 حزيران , 2019 10:38 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

لم تهدأ الحروب السياسية والاقتصادية والنفسية على ايران من جانب الولايات المتحدة الاميركية منذ اربعين عاما , اي منذ انتصار الثورة الاسلامية التي شكلت مسارا تاريخيا جديدا في المواجهة مع الدول المستكبرة , او تلك الهادفة الى الهيمنة والاستعمار باي شكل من الاشكال , وعلى رأس تلك الدول الولايات المتحدة الاميركية.

لقد تخلل السنوات الاربعين الماضية محطات عسكرية لاجهاض الدولة الوليدة لا سيما من خلال الحرب التي سميت الحرب العراقية - الايرانية , وكذلك محاولات استفزاز عسكري اميركية وبريطانية لكنها باءت بالفشل الذريع ,ولا تزال صور الجنود الاميركيين والبريطانيين المذلة ماثلة في اذهان قيادات بلادهم وشعوبها, وربما تكون حملات التجييش اليوم ضد ايران في بعض اسبابها تعود الى تلك الامور منفردة ومجتمعة.

منذ وصول الرئيس دونالد ترامب الى سدة الرئاسة اندفعت الولايات المتحدة الى مرحلة هي الاعلى في التعبير عن الحقد الدفين , فاجأ حتى حلفاء اميركا في مشارق الارض ومغاربها باستثناء الذين يشاركون واشنطن الحقد مثل اسرائيل والسعودية وشيوخ ابو ظبي على وجه التحديد دون غيرهم من شيوخ الامارات , وليس عبثا ان تستهدف السفن الاربع قبل اسابيع قبالة ساحل الفجيرة ولم يتحدث اي مسؤول في المشيخة بينما من القى التهمهم جماعة ابو ظبي  , ومن ثم استهداف ناقلتي النفط في خليج عمان -تلك الدولة التي تربطها بايران وشائج طيبة.

لقد عملت ادارة ترامب منذ انسحابها من الاتفاق النووي على مراكمة الذرائع ضد ايران بوحي من القيادة الصهيونية في كيان الاحتلال , بموازاة توريط الحالمين بالحكم في الخليج ونفخ العزم والحسم في فئران التجارب وكأنها "سباع غاب" لا تهاب , مقابل تدفيعهم الجزية لابقائهم في السلطة كحراس مال للادارة الاميركية التي تطلب ما تشاء وساعة تشاء من الاموال عن طريق تدبيج صفقات اسلحة تارة , ومشاريع وهمية طورا.

لا ريب ان المنطقة تعيش الآن على صفيح هو الاسخن بعد استهداف الناقلتين النروجية واليابانية في خليج عمان , والمبادرة الى اتهام ايران اولا على لسان وزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو بعد اقل من ساعتين على تصريح لمسؤول كبير في البنتاغون  بانه لا يمكن الجزم بعد من هو المتورط او المسؤول عن التفجيرين , اللذين رافقتهما حملة تسريبات باهتة لم يجزم "الخبراء" ماهية الوسيلة المستخدمة اكانت عبوات او الغام او توربيدات اطلقت من غواصات صغيرة , وهذا بحد ذاته ادانة للمخابرات الاميركية ولاساطيلها في الخليج , اذ لم تتمكن من تحديد وسائل التفجير , الا اذا كانت تعرفها يقينا وغير قادرة عن الافصاح عنها لانها تدينها , وبالتالي نشر روايات وهمية لابعاد الشبهات عن الفاعل الحقيقي.

و بنظرة الى مراكمة الاتهامات - الذرائع ضد ايران بلا اي دليل يمكن تسجيل التالي وكلها على لسان وزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو , والتي رددها ببغاوات الخليج بمواراة استيعاب ايران للحصار المالي والاقتصادي.

1- استهداف السفن الاربع قبالة الفجيرة.

2- تحميل ايران مسؤولية استهداف اليمنيين الذين يتعرضون لعدوان غير مسبوق في التاريخ لمطار ابها السعودي , ورغم ان الجيش اليمني وانصار الله اعلنا بالفم الملآن ان المطارات السعودية والامارتية ستكون من ضمن الاهداف ما دام مطار صنعاء مقفلاً ويتعرض للعدوان مع الشعب اليمني.

3- استهداف الناقلتين في خليج عمان رغم ان البحرية الايرانية هي من انقذت طاقميهما.

4- استهداف دورية اميركية في افغانستان ومقتل 4 جنود رغم ان حركة طالبان اعلنت ذلك صراحة وبشكل مسبق ردا على التسويف الاميركي والكذب بشأن المفاوضات.

لم يصدق احد في العالم روايات بومبيو البوليسية , مع التذكير بانابيب اسلحة الدمار الشامل التي حملها كولن باول - وزير خارجية الولايات المتحدة في عهد جورج بوش الابن لتبرير العدوان على العراق.

عندما تطالب الادارة الاميركية بالاعلان عن ادلة الاتهام , ترد بوقاحة بانها سرية ,ولا يمكن كشفها الامر الذي يتير السخرية , ما يذكر بالمرحلة المكارثية في ستينيات القرن الماضي , والهدف وضع ايران في موقع المعتدي المتوجب محاسبته.

ان الباحثين الاميركيين الكبار الذين يرفضون مغادرة العقل لرؤوسهم امتال مايكل كاغلمان اعتبروا سعي ادارة ترامب الى خوض مواجهة مع ايران يؤدي احيانا الى "توجيه اتهامات تثير التساؤلا"ت " ,وقال كاغلمان ان الكشف عن وجود قوات تابعة لايران في افغانستان كان سيكون خبرا من العيار الثقيل ,اي بمعنى ستكون مفاعيله واسعة في الشارع الاميركي كي يواكب الاتهامات الكاذبة.

اما اليكسفاتانكا وهو كبير الباحثين في معهد دراسات الشرق الاوسط بواشنطن , فقال ان لدى بومبيو قائمة طويلة من الادعاءات الموجهة ضد ايران , وهو يحتاج الى اقناع الناس بان هذه مجرد احداث حصلت بالتزامن مع "حملة اقصى الضغوط الاميركية ضد الجمهورية الاسلامية".

ربما تعتقد القيادة الاميركية المتهورة ورمزها جون بولتون ,ان حلقة الاحداث اكتملت كقاعدة مادية لتبرير عدوان على ايران , لكنها تغفل ان اي حرب يمكن ان تحمل للاميركيين الاف مؤلفة من الصناديق الخشبية التي تحتوي جثث واشلاء جنودها , فضلا عن ان الدول المنافقة مثل السعودية والامارات باعتبارهما مع اسرائيل من ادوات العدوان ان وقع سينالون النصيب الاوفر من الموت والدمار .

من الواضح ان الولايات المتحدة كلما استشعرت جدية ايران وقدراتها , تعود الى اسطوانة اننا لا نريد حربا , ولا نريد تغيير النظام , وهي لو كان بمقدورها لما تأخرت لحظة في تحقيق هذين الهدفين الفعليين اللذين رسمتهما منذ الاطاحة بالشاه واخراج النفوذ الاميركي من ايران.  

 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل