الثبات ـ ثقافة
لكل مثل قصة تعبر عنه، ومناسبة لوقت حدوثه على عكس الحكمة التي تقال في أي وقت، وليس من الضروري أن تكون لها قصة، ويقال هذا المثل في معاشرة اللئام، والطريقة التي ينبغي أن يعاملوا بها.
أول من قال هذا المثل هو ملك من ملوك حمير ، وقد كان عنيفًا على مملكته ، طالما يغتصب أموالهم ، ويسلب ما في أيديهم من أجل أطماعه الشخصية ، وكانت الكهنة تخبره دائما أنهم سيقتلونه ، فلم يكن يهتم بذلك، وفي مرة من المرات سمعت زوجته تضرعهم وشكواهم ، فقالت له : إني لأرحم هؤلاء القوم لما يلقون من الجهد، ونحن نعيش في هناء ورغد، وأنت لا تبالي بهم وبفقرهم، وأنا أخشى عليك منهم، أن يصيروا في يومًا سباعاً بعد أن كانوا لنا أتباعاً، فرد عليها قائلًا : جوع كلبك يتبعك، ومن يومها صارت مثلاً، ولبث على حاله زماناً، ثم حارب بقومه، ولما انتصروا وغنموا، لم يعطيهم شيئاً؛ فلما خرجوا من عنده قالوا لأخيه وهو أميرهم: أنت ترى ما نحن فيه من الجهد والفقر ، ونحن نكره خروج الملك من داركم إلى دار غيركم ، وأخوك قد بغي علينا ، وظلم ؛ فساعدنا على قتله ، وسنجلسك مكانه، وكان قد عرف بظلم أخيه، وبغيه واعتداءه على أهل حمير ، فأجابهم إلى ذلك ، فوثبوا على الملك وقتلوه، فمر به عامر بن جذيمة وهو مقتول، وكان قد سمع بقوله : جوع كلبك يتبعك، فقال : ربما أكل الكلب مؤدبه إذا لم ينل شبعه ، وأرسلها مثلًا يردده العامة منذ ذلك الحين .
العبرة من المثل :
ألا تقلل من شأن التابعين لك، وتعاملهم بفظاظة وغلظه، فقد يصيبوك بما لم تحط به علماً، وما لم تتوقع أن يخرج منهم، والمثل لا يصلح مع شتى ألوان الناس، فهناك اللئام، وهناك الحسان؛ لذا لا تتبع الأمثال دون أن تعرف مع أي لون تتعامل أنت، وكما يقول المثل ( احذر عدوَّك مرة وصديقك ألف مرة ) .