الثبات - إسلاميات
غزوة بدر الكبرى .. دروسٌ وعبر
السيرة النبوية مدرسة للمؤمنين يستمدون منها العبر والدروس ومنهج الحياة، ومن أحداث السيرة المهمة غزوة بدر التي تمر ذكراها علينا والتي وقعت في السابع عشر من رمضان في السنة الثانية للهجرة، ولأنَّ سرد الأحداث ليس المراد من السيرة النبوية، بل المقصود أخذ العبر والدروس ومنهج الحياة.
هذه بعض الدروس المستفادة منها:
الدرس الأول:
المحافظة على السرية التامة، عند وضع الخطط، وإرسال البعوث العسكرية، ويلاحظ هذا في سرية عبد الله بن جحش عندما أرسله النبي صلى الله عليه وسلم إلى نخلة، وأعطاه كتاباً، وأمره ألا يفتحه إلا بعد ليلتين من السير بعيداً عن المدينة، حتى لا يعلم أحد أين الاتجاه.
الدرس الثاني:
إنَّ قلة عدد جيش المسلمين أمام عدوهم لا يعني ضعفهم وهزيمتهم، ففي الآية الكريمة يقول عز وجل: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}.
وقال تعالى: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمْ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}. بل إن الجيش الكثير إذا أعجب بنفسه، كان ذلك سبباً لهزيمته، قال تعالى {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمْ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ}.
{وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}.
الدرس الثالث:
أنه يجب إزالة أسباب النزاع بين المجاهدين؛ لأن النزاع من أسباب الهزيمة، فالقائد المحنك هو الذي يحرص على نقل النزاع إلى صف العدو، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم
في قصة نعيم، إذ جاء قبل إسلامه ليخذِّل المسلمين فهداه الله للإسلام فرجع إلى قريش واستغلَّ عدم علمهم بإسلامه وثبطهم وخوفهم من المسلمين.
الدرس الرابع:
فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم أشجع الناس؛ حيث كان مع قومه في قلب المعركة وفى ميدانها، بل كان يُسوِّى صفوفهم بيده الشريفة الكريمة صلى الله عليه وسلم. والقائد الناجح هو من يُشارك جنوده المشاقّ والحروب، ويُكابد معهم الآكام والشِّعَاب. فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: كنا يوم بدر، كل ثلاثة على بعير، فكان أبو لبابة وعلى بن أبي طالب زميلي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فكانت إذا جاءت عقبة رسول الله صلى الله عليه وسلم قالا: نحن نمشي عنك قال: "ما أنتما بأقوى مني وما أنا بأغنى عن الأجر منكما".
الدرس الخامس:
تطبيق مبدأ الشورى، وتعويد الأمة على ممارستها، وبيان أهميتها، بخاصة في الأمور المصيرية كالحروب، ومنه ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، حين استشار أصحابه وأراد الأنصار، وقبوله صلى الله عليه وسلم بمشورة الحباب بن المنذر بشأن ماء بدر، وفيه تعويد للصحابة على التفكير بالمشكلات العامة، والتربية على الشعور بالمسؤولية.
الدرس السادس:
الوفاء بالعهد، ومنه ما حدث مع حذيفة بن اليمان ووالده، حين أخذ المشركون منهم العهد ألا يقاتلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما ذكرا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "نستعينُ اللهَ عليهمْ، وَنَفِي بِعَهْدِهِمْ"، فذاك الذي منعهما أن يشهدا بدرًا، مع أن المسلمين كانوا بأشد الحاجة لمن يقاتل معهم.