الثبات - إسلاميات
أفضل الصوم "صوم القلب"
يقول الله تبارك وتعالى: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ}، وهداية القلب أساس كل هداية ومبدأ كل توفيق وأصل كل عمل ورأس كل فعل.
قال صلى الله عليه وآله وسلم: "ألا وإنَّ في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب"
صلاح قلبك سعادتك في الدنيا والآخرة، وفساده هلاك محقق لا يعلم مداه إلا الله عز وجل، يقول الله سبحانه وتعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ}.
إنَّ صوم القلب هو الثمرة اليانعة، والنور الذي يهدي الإنسان في سبل الحياة.
إذا صام قلبك عرف طريق الله، وأحس بحلاوة الإيمان، ورقَّ للمسكين والفقير، وهانت عليه الدنيا، وامتلأ حبًا وشوقًا للقرب من رب العالمين.
صوم القلوب ثمرة للتفكر والتأمل، ومدعاة للزهد في الدنيا بملذاتها وأترافها وهو من أرقى أنواع الصيام، وقد سمَّاه الإمام الغزالي: بصيام "خصوص الخصوص"، وهو عبارة عن صوم القلب عن الهمم الدنية والأفكار الدنيوية، وكفه عما سوى الله بالكلية، فهو إقبال بكل الهمة على الله عز وجل وانصراف عن غير الله سبحانه.
إنه الله، الذي خلقك في البدء، وتعود إليه في الختام، فما أجمل وأروع وأجل أيام تعود إليه في الدنيا قبل أن تعود إليه في الآخرة.
القلب هو محل السعادة والشقاء، والإيمان والكفر، واليقين والشك، وإنما فرض الصيام لأسرار وحكم لا يدركها مَن كان أكبر همه أن يمتلئ بطنه بعد طول فراغ، وأن يطفئ حرارة الجوع، وشدة العطش عند مغيب الشمس، وذلك آخر عهده بالصوم.
بالصوم تنسد مسالك الأكل والشرب، ويفرغ القلب للتذكُّر والتدبُّر، والنظر والتأمُّل، فيرى حقيقة الدنيا وحقارتها، وقلة شأنها وهوانها، وأنها مهما عظمت فهي حقيرة، ومهما طالت فهي قصيرة.
فإذا صام القلب، فإنه يصبح قلبًا طاهرًا عامرًا بحب الله، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "قيل: يا رسول الله، أي الناس أفضل؟ قال: كل مخموم القلب صدوق اللسان، قالوا: صدوق اللسان نعرفه، فما مخموم القلب؟ قال: هو النقي الذي لا إثم فيه ولا بغي ولا غلّ ولا حسد"
إنَّ الله عز وجل لا ينظر إلى الظاهر إنما محل نظر الرب إلى القلب كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "إنَّ الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم".
وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "التقوى ها هنا" ويشير إلى صدره.
فإذا صلح القلب واستسلم صلحت الجوارح واستقامت كما جاء في عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "ألا وإنَّ في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب".
يقول أبو سليمان الداراني رحمه الله: "إن جاعت النفس وعطشت، صفا القلب ورقَّ، وإذا شبعت ورويت عمِيّ".
نسأل الله العلي العظيم أن يرزقنا صفاء القلب ورضا الرب، وجنة القرب