الثبات - إسلاميات
تجنبوا الإسراف وحافظوا على أجر الصيام
من الذنوب والآثام التي ذمها الله في كتابه العزيز ونهانا عنها نهيًا مباشرًا صريحًا التبذير والإسراف، لما يسببانه من عدم تقدير واحترام لنِعَم الله وإهدارها هباء ودون جدوى، وإنفاق المال في غير طاعة وفيما يخالف الشريعة الإسلامية، قال تعالى:
{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}.
{كُلُوا مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}.
{وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا}.
ورغم أن شهر رمضان الفضيل شهر التقوى والبِر والإحسان والرحمة والمغفرة والرضوان، إلا أن الكثير من المسلمين يزداد إسرافهم وتبذيرهم في هذا الشهر بخلاف باقي شهور السنة، إذ يبالغون في شراء ما لذَّ وطاب من الأطعمة والأشربة والحلوى والمسليات وكأن رمضان موسم للأكل والتباهي، فيأكلون القليل منها ويتعرض ما يتبقى للإتلاف والرِمي في حاويات القمامة.. وذلك في الوقت الذي تعاني العديد من الأسر المسلمة من الجوع وضيق ذات اليد ولا تجد من يعطف عليها ويسد رمقها!
هناك بعض الخطوات التي يمكن باتباعها علاج ظاهرة الإسراف في رمضان ومنها:
أولًا: علينا جميعًا أن نعي ونفهم جيدًا المراد من صيام رمضان، وهو تطهير للنفس والمال والمجتمع، كما أنه عبادة صحيحة وتدريب على الصبر والجهاد والتضحية والمشقة، وليس رمضان شهرًا لإقامة الولائم والحفلات والتنافس في الملذات والترفيهات.
ثانيًا: المحاسبة والمراقبة الذاتية قبل وأثناء الإنفاق والاستهلاك والتفكر والتدبر في النتائج المترتبة على الإسراف والتبذير والترف.. فمن شق عليه الحساب في الدنيا سهل عليه في الآخرة، وفي هذا الشأن يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسَبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، وتهيأوا للعرض الأكبر"، كما يجب على المسلم أن يتذكر الفقراء والمساكين والمجاهدين والوقوف أمام الله للمحاسبة الأخروية ليس في رمضان فحسب، بل في كل الأوقات؛ فالمحاسبة والمراقبة الذاتية الدائمة والمستمرة تجعل الفرد المسلم الصائم حازمًا مع نفسه يكبح هواها ويفطمها عن شهواتها ومطالبها، ويجعلها تسير في طريق الإسلام.
ثالثُا: الاقتداء بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والصحابة من بعده في سلوكهم ونفقاتهم في شهر رمضان لاسيما من حيث الاقتصاد، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "ما ملأ ابن آدم وعاء شرًّا من بطنه، حسب ابن آدم لقيمات يقمن بها صلبه، فإن كان فاعلًا لا محالة، فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفَسه"، وقال صلى الله عليه وآله وسلم أيضًا: "كلوا واشربوا وتصدقوا من غير مخيلة ولا ترف".
علينا كمسلمين أن نفهم مقاصد الشرع من هذه العبادة العظيمة ولا نضيع هذا المقصد الجليل بعادات سيئة مثل الإسراف والتبذيروننأى بأنفسنا عن السير في طريق الإسراف والتبذير المحفوف بالشياطين والمفسدين، وأن ندرك أن الغاية من الطعام والشراب هي التقوِّي على طاعة الله والفوز برضاه في الدنيا والآخرة، وليس ملء البطون والتفاخر ونسيان إخواننا من الفقراء والمساكين الذين لهم حقوق كثيرة علينا.