حينما فكّر "بيو" بنظام ملكي في لبنان ـ أحمد زين الدين

الخميس 02 أيار , 2019 12:20 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

قد يكون المفوض السامي الفرنسي "غبريال بيو" محقاً، حين وجد أن النظام الملكي هو الأفضل للبنان، ولهذا يقول: أنه عمل مع الأوساط الفرنسية العليا لقلب النظام الجمهوري في لبنان وسوريا وتحويله إلى مَلكي، أو على الأقل إمارة لا يعتلي عرشها في لبنان سعودي ولا مصري أو تونسي، فيكون مٌلكاً مسيحياً من أمراء برنا دوت الأسوجيين.

وجاءت الحرب العالمية الثانية، وهُزمت فرنسا، وحل الجنرال دانتز من قبل حكومة فيشي مكان المفوض بيو، وانتهى مشروع الملكية.

تُرى لماذا فكر المفوض بيو بنظام ملكي في لبنان؟؟ هل لأنه كان يعلم أن كثيراً من العائلات السياسية التي تتوارث البلاد "كابراً عن كابر" هي عائلات من أصول غير لبنانية، حيث أن "آل أده" من حوران في سوريا، و إميل إده الذي انتُخب رئيساً للجمهورية في الثلاثينات من القرن الماضي ولد في دمشق، وكحال أول رئيس انتخب عام 1926" شارل دباس" وآل تويني هم من قبيلة المساعيد ذات الأصول الحورانية، ونفس الحال فإن آل الجميل قد جاءوا من قرية يحفوفا السورية قرب دمشق، وأنطوان رزق والد وزير سابق في لبنان الذي كان مديراً لمكتب المفوض السامي الفرنسي، وهو من اللاذقية، والقائمة تطول..

فهل رأى في "السلالات" السياسية اللبنانية التي عرفها وخبرها جيداً أنها لا تصلح لقيادة البلاد فقرر جلب ملك أو أمير أسوجي ليحكم لبنان..؟

وهل رأى أن "السلالات" السياسية اللبنانية التي تتوارث المراكز والنيابة والوزارة والأحزاب وحتى الجمعيات ولجان المباني.. هي ملكيات أسرية وعشائرية وقبلية لا تعرف كيف تخرج من نطاق الأسرة والقبيلة إلى المجتمع الأوسع؟؟

 فإذا أسس الجدّ حزبا وأصبح رئيسا وزعيما له فإنه لا يحق لأحد من غيرأبنائه أن يحتل قمته من بعده، كما لا يحق لأحد من غيرأحفاده أن يصبح المنظرالأوحد، والفهيم الفريد، والوارث الأغر للمراكز والوجاهة.. وهلم جرّا.

ربما يكون من حقنا أن نستعير من الزميل اسكندر رياشي ما قاله يوماً: "إنما السياسيون المفسدون المتاجرون، والسياسيون الذين لم يتاجروا متشابهون أصلاً: الأولون تاجروا علناً وبوقاحة، والآخرون عرفوا كيف يتاجرون بأدبٍ ولباقة".

وليس مستغرباً أن نعرف أن معظم الرجال الذين مشوا في هذه الدولة.. ليس أنهم لم يتركوا باباً للإثراء إلا وطرقوه، ولاوسيلة للغنى إلا واستعملوها واستفادوا منها، بل فتحوا حقول استثمارات جديدة مدهشة أمامهم في دوائر الدولة بطريقة نابغة جداً تستوجب إحناء رؤوسنا تقديراً لهم.

 إن لم تصدقوا فتذكروا النيابة والوزارة ومجلس الإنماء والإعمار وصندوق المهجرين وهيئة الإغاثة ومجلس الجنوب.. ولا تنسوا أبداً "السّان جورج" وربما محرقة برج حمود وسوليدير، وتذكروا عدد المليارديرات القدامى وما قبل القدامى، تذكروا الورثاء السياسيون، وحضروا معكم "ببرونات"، فنحن في الزمن البائس.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل