الخلل التقني في الرادار الجنبلاطي ـ أمين أبو راشد

الأربعاء 01 أيار , 2019 08:56 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

"صفة الإلتقاط الراداري" التي التصقت به، لم يُنكِرها النائب السابق وليد جنبلاط يوماً، بل فاخر بها، تماماً كما كان يُفاخر بصفة "بيضة القبان"، لكن تعريف "الرجل الراداري"، هو حصراً، الشخص الذي يمتلك قدرة الحصول على المعلومات أكثر من سواه، إن لم نقُل يتلقى التعليمات أكثر من سواه.

وكي نُنصِف وليد بك، فإنه على حق في قوله أن ملكية الأرض شيء، والسيادة الوطنية عليها شيءٌ آخر، وبمعنى مُبسَّط، قد يمتلك الشخص أرضاً تابعة عقارياً لبلدة مجاورة لبلدته، لكن هذا لا يمنع أن السلطة السياسية والبلدية على تلك القرية هي للمرجع الذي تقع فيه هذه الأرض.

كثُرَت التحليلات عن مغزى تصريح جنبلاط حول عدم لبنانية مزارع شبعا، خاصة لجهة توقيته، ولا تنفع كل سندات الملكية التي أبرزها أبناء المزارع لمواجهة جنبلاط و"إفحامه"، لأن سندات الملكية صحيحة لكن تبعيتها السيادية هي موضع أخذٍ وردّ وتنتظر ترسيماً للحدود اللبنانية السورية، وهناك إقرار خطِّي عبر كتاب وجّهته الحكومة السورية منذ سنوات الى الأمم المتحدة يتضمَّن أن مزارع شبعا أرض لبنانية، وجاء هذا الإقرار قطعاً للطريق على الكيان الصهيوني يومذاك، عندما راوغ بموضوع الخط الأزرق مع لبنان، وزعم أن مزارع شبعا سورية ليُبرر عدم الإنسحاب منها كون ما ينطبق على الجولان السوري المحتل ينطبق عليها.

الخلل التقني في الرادار الجنبلاطي تضاربت الآراء في تشخيصه، لأن البعض اعتبره ذبذبات دولية أوحَت لجنبلاط التصريح بما يُعتبَر - سيادياً- من الكبائر، والبعض قرأ فيه ردَّة فعل على الهزيمة الإقليمية لجنبلاط في سوريا، فيما ذهبت الفئة الثالثة الى اعتبار موقف جنبلاط مواجهة غير متكافئة مع المقاومة ومع العهد. 

دولياً، جنبلاط أظهر نفسه وكأنه جزء من ماكينة "صفقة القرن"، وأن راداره تلقى ليس معلومات بل تعليمات، بوجوب التسويق الإعلامي بعدم لبنانية مزارع شبعا، لمساواتها بالجولان المحتلّ عند ترسيم الخرائط ولتكون "حلالاً زلالاً" كما الجولان للعدو الصهيوني.

إقليمياً في سوريا، وتحديداً في مناطق جنوب دمشق، صوَّب البعض على مواقف جنبلاط السابقة المُعادية للسيادة السورية في المناطق الدرزية كالسويداء والقنيطرة، وتحريض الشباب الدرزي هناك للوقوف مع الإرهابيين وجعل كل المناطق المحيطة بالجولان المحتل بؤرة مواجهة مع النظام بظهير إسرائيلي.

داخلياً، شاءها جنبلاط بمنزلة إعلان حرب على المقاومة وعلى العهد أيضاً، خصوصاً لجهة تزامن تصريحه مع قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضمّ الجولان السوري المحتل إلى الكيان الصهيوني​، وِاستفاقته على عدم لبنانية مزارع شبعا، تأتي في سياق الضغوط التي تُمارس على لبنان من أجل إدخاله في "صفقة القرن" والتطبيع مع العدو، ومعظم المواقف اللبنانية جاءت لتأكيد رفض كل ما يمكن أن يمسّ بحقوق لبنان في أرضه المحتلة.

وفي الخلاصة، على جنبلاط أن ينتظر الردّ الصريح والقاسي من المقاومة، وبلسان السيد نصرالله، وهنا يكمن الخطأ التقني غير القابل للإصلاح في الرادار الجنبلاطي، لأن مزارع شبعا ليست القدس - على قدسيتها- ولا الجولان رغم أهميتها، لأن مزارع شبعا وتلال كفرشوبا أكبر من ترامب وأدوات صفقة القرن، طالما هناك 120 ألف صاروخ على أهبة الإستعداد لتدمير إسرائيل خلال أيام للدفاع عن كل حبَّة تراب من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، وليت رادار جنبلاط التقط هذا الإنذار القريب بدل أن يلتقط ما هو قادم من البعيد من هلوسات وأحلام لا تقرأها المقاومة ولا تقرأ ناقِلها...


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل