الثبات ـ إسلاميات
حث الله سبحانه وتعالى على العلم، لأنه الطريق إلى الحضارة والرقي والإزدهار، لكن الجهل والأمية الآفات الوحيدة التي عصفت بالمجتمع، لتتقدم الشعوب الغربية علينا، وفي كل المجالات، فكان من الواجب حثّ المجتمع على العلم والتعلم، وهذا ما كان في تفسير سماحة الشيخ الدكتور عبد الناصر جبري رضوان الله عليه الآية الرابعة من سورة العلق.
قال الله تعالى: {الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ} سورة العلق، الآية الرابعة، عندما أخبر اللَّه الملائكة أنه جاعل في الأرض خليفة، استفهموا بلماذا؟!، فكان الجواب: {قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} سورة البقرة، الآية 30، لذلك فإن العلم والمعرفة صنوان؛ فالعلم لا يشترط أن يسبقه جهل، المعرفة يشترط أن يسبقها جهل، تقول: (علم بالشيء) فلا يشترط أن يكون لا يعلمه ثم علمه، وأما في المعرفة (عرفت هذا) أي بعدما كنت تجهله، فلذلك ممكن أن نطلق هذا الاسم الكبير العظيم على الله تبارك وتعالى وهي صفة العلم، ولكن العلم الذي يتعلق بالإنسان هو علم قاصر، وليس بعلم يجمع ما بين الأولين والآخرين، ما بين السابق واللاحق، إنما هو علم قاصر حصل عليه هذا العبد، لكن هذا العلم من أعطاك إياه؟, من الذي أوصلك له؟.
أوصلك له اللَّه تبارك وتعالى عن طريق القراءة والكتابة والتي عبر عنها في هذه الآية بالقلم، أي أطلق اللازم وأراد منه الملزوم وهي الكتابة، فعندما تريد أيها المسلم أن تكون عالماً وأن تكون من قبل اللَّه تبارك وتعالى متعلماً؛ لتأخذ هذا الشرف فعليك أن تكون قارئاً وكاتباً، وعندما ننظر في مجتمعاتنا المعاصرة نجد أن نسبة الأمية قد ارتفعت بكل أسف في السنوات الأخيرة، فينبغي علينا أن نعود إلى حياتنا، إلى القلم والكتابة؛ لأن اللَّه تبارك وتعالى علمنا من خلال نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم، فعندما أسر النبي صلى الله عليه وسلم أناسا من مكة المكرمة خلال غزوة بدر الكبرى، اشترط عليهم من أجل إطلاق سراحهم أن يعلم كل متعلم منهم عشرة من المسلمين, فلا بد منه أن يعلم، ولا بد من المسلم أن يتعلم, فهذه المعاني العظيمة ينبغي أن يقف عليها المسلمون، وأن يقف عليها المواطنون الذين يعيشون وتعيش وإياهم في هذه البلاد؛ ليعرفوا هذا العالم، ومن خلال هذا العالم أن يتعرفوا على هذا القرآن الكريم، وعلى نبيهم العظيم.
أن يتعرف كل الناس، حتى من يدعي الإسلام, لأن كثيراً من الشباب الذين يدعون الإسلام هم يقفون على ظواهر النصوص وظواهر الأحرف، ولا يدخلون أو يغوصون في معاني الكلمات، من هنا يقع الإنسان في المتاهات ويضيع أمام هذه الألفاظ؛ لأنه لم يتعلم معانيها، ولم يقف عند حقائقها, فنحن عندما نقرأ قول الله تعالى: {قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} سورة البقرة، الآية 30, نتذكر الآيات التي تحدث اللَّه فيها عن بداية خلق الإنسان، عندما طلب اللَّه من الملائكة أن يسجدوا لآدم، فعندما تلاحظ وتفكر وتبني تجد أن المبنى هو العلم، قال الله تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} سورة البقرة، الآية 31، إذا الصفة التي خص اللَّه سبحانه وتعالى بها نبيه آدم بعد خلقه هي العلم، أن يكون من المتعلمين والدارسين والمتابعين، لذلك الإنسان عظيم لأنه استدل على عظمة اللَّه من خلال طرق علمية لا شك فيها ولا شبهة.