"سيدر" على الأبواب .. فلا تهربوا من النوافذ ـ أمين أبوراشد

الأربعاء 20 شباط , 2019 09:59 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

حوالي 12 مليار دولار قروض مُيَسَّرة ومشروطة أقرَّها مؤتمر "سيدر"، وهي في طريقها الى لبنان.

لماذا هي مُيَسَّرة؟ لأن الدول المانحة تُدرِك أن لبنان على حافة الإفلاس، ولدى صندوق النقد الدولي والمؤسسات الإئتمانية مؤشرات دقيقة عن وضعنا المالي، ولماذا هي مشروطة؟ لأن لدى الدول المانحة أيضاً مؤشرات، أننا من الدول الأكثر فساداً في العالم.

ثلاثة شروط يجب تَوافُرها داخلياً لنستفيد من "سيدر":

أولاً: الجهوزية في إقرار التشريعات والقوانين التي تؤمن الأرضية اللوجستية لتنفيذ المشاريع المُحدَّدة من طرف المانحين، وهذا الشرط بات متوفراً بشكلٍ عام، نتيجة إقرار المجلس النيابي جملة تشريعات وقوانين تتواءم ومتطلبات "سيدر"، ورئيس الحكومة سعد الحريري أطلق صباح الإثنين الفائت ورشة عمل ضمَّت ممثلين عن الصناديق العربية والأوروبية والدولية والمؤسسات المالية التي التزمت بمساعدة لبنان في مؤتمر "سيدر"، وتناول النقاش أولويات المشاريع التي يُمكن إدراجها تحت مظلَّة "سيدر".

ثانياً: الضبط المالي الدقيق والإشراف اللصيق، عبر شفافية التلزيم ومراقبة أعمال التنفيذ بهدف ضمان معايير الجودة، وهذا الشرط المرتبط بضوابط التلزيم والتنفيذ أيضاً متوفِّر، لأن الرقابة مشتركة بين ممثلي الدول المانحة والحكومة اللبنانية وفق اختصاصات الوزارات، سيما وأن آلية شفافة للمناقصات سوف تعتمدها الحكومة، والأجهزة الرقابية الأقرب الى النهج الشهابي باتت جاهزة للمتابعة الميدانية.

ثالثاً: تخفيض الإنفاق في القطاع العام، ومكافحة الفساد، وإقفال مسارب الهدر، وهذا الشرط الثالث هو الأصعب والأكثر تعقيداً، وعدم مراعاته يعني أن "سيدر" دخل من الباب وهربت الدولة اللبنانية من النافذة، ما لم تُبادِر الحكومة الى تخفيض الإنفاق وبَتر أيدي الفاسدين ووقف الهدر في المال العام، بمعزل عن مواضيع عجز الموازنة، وخدمة الدين العام، والأملاك البحرية، ودعم الكهرباء، وكل مجالس الهدر والسرقة، ونكتفي بثلاثة أمثلة عن أداء ثلاثة وزراء جُدُد لنكشِف أين تكمُن أسرار التبذير والإنفاق والهدر:

1) بشائر الأداء المميز لوزيرة الداخلية ريَّا الحسن، التي انطلقت من أمنها الشخصي، وتخلَّت عن كل مواكب البهرجة التي كان يستخدمها أسلافها، وأمرت بإلغاء كل المواكب الأمنية للسياسيين، أولاً لإنتفاء المخاوف الأمنية، وثانياً لأن من يستمر في سياسة الكيدية بمواقفه من الشريك الآخر في الوطن فليتحمَّل مسؤولية أمنه الشخصي على حسابه، ولمعرفة حجم الكلفة المادية التي يتكبدها دافع الضرائب اللبناني، يكفي معالي الوزيرة طلب الإطلاع على كشوفات رواتب عناصر الأمن الداخلي المُولجين حماية مقرات سكن هؤلاء، مع ما يستتبعها من ملحقات وتعويضات ورواتب تقاعد، وهلمَ جرا في كافة قطاعات الدولة من هدر في موظفين لا حاجة للدولة بهم، مع ضرورة وقف التطويع في الأسلاك العسكرية والتوظيف في المواقع المدنية بانتظار إعادة توزيع آلاف العناصر والموظفين حيث يجب أن يكونوا. 

2) مع الخطوة الأولى التي قام بها وزير الصحة الدكتور جميل جبق، في مداهمته مستشفى الفنار في المصيلح التي لا تُصلح لتقديم أبسط الخدمات للآدميين، رغم أن مخصصاتها من الدولة تبلغ مليار وثلاثمئة مليون ل.ل. في السنة، حيث تتبيَّن عيِّنة من المؤسسات الفاشلة التي تمتصّ من خزينة الدولة دون خدمات تُذكر، تُضاف اليها الجمعيات الوهمية التي تنهب المال العام منذ سنوات تحت مُسمى أنشطة اجتماعية وتنموية مع صفر إنتاجية. 

3) قِمَّة الفساد عمَّا يحصل في دوائر الدولة، عَكَسها تعميم وزيرة الطاقة ندى البستاني، الذي يتناول موضوع الإلتزام بالدوام في كل الإدارات والمؤسسات والهيئات التابعة لوزارتها، ووجوب التشدُّد في ضبط مخالفات الغياب عن العمل، وطَلَبها تقريراً شهرياً بهذا الخصوص، وهذا التسيُّب في الدوام، عمرُه في كل وزارات ودوائر الدولة منذ كان الموظف يضع الطربوش على مكتبه على أنه حاضر ويُغادر، الى يومنا هذا، حيث "يُتَكِّس" الموظف حضوره صباحاً ويُغادر طيلة النهار ثم يعود مساء لـ"تتكيس" المغادرة، ومئات المليارات تُهدر سنوياً على موظفين في القطاع العام، العسكري والمدني، ودولتنا تتسوَّل القروض كي تتفادى الإفلاس... 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل