الحريري يتجرَّع "حليب سباع" فرنسي ـ أمين أبوراشد

الأربعاء 14 تشرين الأول , 2020 08:09 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
الإنتفاضة الثورية للرئيس الحريري أتت في الذكرى السنوية الأولى لإنطلاق "ثورة 17 تشرين"، تلك الثورة التي خَبَت نارها ولم يعُد هناك حتى جمرة تحت الرماد، وكل ما حققته من إنجازات، أنها أسقطت سعد الحريري عن كرسي السراي بعد أقل من أسبوعين على انطلاقتها، إضافة الى التدمير المُمنهج للبُنية الإقتصادية والإجتماعية عبر تقويض المؤسسات وزيادة نسبة البطالة ورمي عشرات آلاف العاملين اللبنانيين في الشارع.

وبعد المُعاناة التي عاشتها حكومة حسان دياب، والتهديف عليها من جماعة بيت الوسط تحت ستار "نادي رؤساء الحكومات السابقين الأربعة"، ارتأى الحريري إطلالة عالية مُتعالية على اللبنانيين بتسمية مصطفى أديب، لكنه بدل تسهيل مهمة الرجل في التأليف، أسند الأمر الى فؤاد السنيورة الذي تولى كتابة السيناريو: حكومة يتولى توزيع الوزارات فيها وتسمية الوزراء، مَن كان وسيبقى بالنسبة لغالبية الشعب اللبناني، الصفحة الأولى والعنوان الأبرز لشُبهة الفساد، ليس فقط في كتاب الإبراء المستحبل، بل في ذاكرة الشعب اللبناني الذي عانى ما عاناه مع أكثر رئيس حكومة إثارة للسخط والجدل، وارتبط إسمه بالضرائب والإفقار على مستوى الداخل، وعلى مستوى الخارج، وكان دوره، التصفيق للضربات العدوانية الصهيونية على الأرض اللبنانية!تمّ إحراق شخصية مثل مصطفى أديب، ليظهر سعد الحريري وكأنه ذلك الفارس القادم على حصانٍ أبيض للإنقاذ، وهنا من حقنا أن نتساءل: جاءت تسمية أديب من بيت الوسط بعد إعلان المبادرة الفرنسية، فلماذا أراد الحريري إطلاق الرجُل مثل "بالون إختبار"؟ ومن أين أتت هذه الحَمِيَّة عند الحريري الآن بعد اعتكاف ودَلَع عن قبول التكليف؟ والجواب: حليب سباع فرنسي أرسله الرئيس ماكرون ليس من أجل الحريري شخصياً، بل لأن المبادرة الفرنسية تُعتبر محاولة إنجاز شخصية محسوبة على الرئيس ماكرون، وفشل المُبادرة يٌحسب عليه.

إذاً، الحريري تجرَّع الحليب الفرنسي حتى ولو كان بطعم العلقم، وسارع الى "عرض خدماته" على الرئيس عون، وعرَّج على عين التينة لأخذ بركة "المُثالثة"، واستفاق بعد غيابٍ وغيبوبة على تسوية رئاسية، في محاولة منه لترميم الجرَّة المكسورة، وتقطيع الوقت بحكومة أعلن أن عمرها ستة أشهر من أخصائيين غير حزبيين!

عودة سعد الحريري لا تحتمل الكثير من الإجتهادات، لا هو آتٍ ضمن صفقة ترسيم  الحدود، ولا لإجتراح معجزة إنقاذ الإقتصاد، وهذه العودة تعني باللبناني، "تقويم كلام" الرئيس ماكرون، وفرنسا الدولة الكبرى التي يقتصر نفوذها على بعض الدول الإفريقية، ليس لديها في الشرق الأوسط سوى لبنان ساحة للكلام الإستراتيجي المرتبط بمصالحها.

وسواء ارتضينا بسعد الحريري أو رفضنا نهجه، فإنه يأتي في الوقت القاتل كخيار وحيد وأوحد، طالما أن لعبة "البيت بيوت" اللبنانية تقضي بأن يكون الأقوى في الطائفة السنية رئيساً للحكومة، وليس أي آخر سواه في التكليف أو التأليف، والعهد لم يعُد لديه ترف الوقت ليستقبل رئيس حكومة مستقيل، أو مُكلَّف أو مُعتذِر عن التأليف، طالما أن رقعة الشطرنج تتصدَّر ساحات اللعِب في لبنان، وعبارة "كشّ ملك" ليعود الملك هي السائدة، حتى ولو حَرِدَت المملكة... وعاشت "الأم الحنون" مصدراً بديلاً عن حليب النُوق، حليب سباع فرنسي من الصنف الممتاز.. 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل