أذربيجان تخوض حرباً بالوكالة عن أردوغان ـ فادي عيد وهيب

الإثنين 28 أيلول , 2020 11:18 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

في صباح يوم الأحد الماضي دقت طبول الحرب مجددا في منطقة القوقاز، بعد الإشتباك الحاد بين الجيش الأرميني ونظيره الأذربيجاني، ولأن الطرفين لاعبان بالوكالة، والبداية دائما كانت تأتي من أذربيجان، بحكم موقعها وحدودها مع داغستان وروسيا وجورجيا وارمينيا وايران، ولما تمثله تاريخيا لتركيا فكانت واحدة من ست دول تركية مستقلة في منطقة القوقاز، وتعتمد اقتصاديا على ميناء جيهان التركي بسبب خط أنابيب نابوكو، إضافة إلى أهمية موقعها لدى روسيا، وايران، فكلما أرادت أذربيجان أن تغضب الجارة الجنوبية إيران كانت تفتح ملف قضية "اذربيجان الجنوبية"، وكانت إيران ترد بإختراق للاجواء الأذرية أو سحب السفير.

وقد استغل أفيغدور ليبرمان الفرصة وأخذ يقرع باب أذربيجان، فكان تعاون عسكري واسع بين اذربيجان و"اسرائيل"، بعد موافقة الحكومة الاذرية على السماح لمختلف الطائرات العسكرية "الإسرائيلية" إستخدام المطارات الأذرية، وإعلان "إسرائيل" رغبتها فى بناء قواعد ومنصات صواريخ متقدمة بأذربيجان.

ول"إسرائيل" في أذربيجان مقر إستخبارات ونقاط لعناصر الموساد وموئل لفرق الإغتيال والتصفية، كما تمد شركة الصناعات الجوية "الإسرائيلية" أذربيجان بطائرات دون طيار، وطائرات تجسس، وأنظمة دفاع مضادة للصواريخ، وصواريخ مضادة للطائرات، كما أن باكو تمد تل أبيب بما يقرب من نصف حاجتها من النفط والغاز، وتشارك شركة النفط الحكومية الأذرية "سوكار" في التنقيب عن الغاز بالسواحل الإسرائيلية.

أما أرمينيا فهي بالنسبة لروسيا تفوق أهمية سورية وليبيا معا، بحكم إعتبارات جغرافية وسياسية وعسكرية بالجملة، ففيها التواجد العسكري الروسي الأكبر خارج روسيا، فهي نقطة متقدمة لموسكو في وجه الناتو، ففي أرمينيا يتركز الحضور العسكري الروسي على القواعد الروسية في غيومري وأريبونى وتضم أكثر من 5000 جندي وضابط، ومئات الدبابات وعشرات المقاتلات الجوية، و84 نظاما مدفعيا، ومنظومات S300، كما وقّعت أرمينيا اتفاقاً للدفاع الجوي المشترك مع روسيا في ديسمبر/ كانون الأول 2015م، وفي أغسطس/ آب 2010م وتم تمديد التواجد الروسي في أرمينيا لعام 2044 بدلا من 2020م .

في المقابل يدعم "الجيش التركي الثالث" (المكلف بحماية البوابة الشرقية لتركيا) القوات التي نشرتها أذربيجان في ناخيتشيفان (على الحدود مع تركيا وإيران وأرمينيا)، وقد تم تنظيم هذه القوات تحت لواء "الجيش المشترك الخاص" منذ عام 2013، ليحل محل "لواء المشاة الخامس"، وهو صناعة تركية بامتياز، ومنذ أسابيع شهد الجيشان التركي والأذري مناورات مشتركة هي الأضخم بكل أنواع الأسلحة الثقيلة لدى الدولتين، والتي كانت بمنزلة التدريب الأخير للجيش الأذري قبل دخوله المعركة الحالية.

في المقابل من رقعة الشطرنج القوقازية يسعي بوتين لقلب الطاولة على أردوغان، ويحاول إصطياده وأستنزافه في كاراباخ، ليس عسكريا بالطبع، لأن التيار الأوراسي في الجيش التركي سيرفض دخول تلك المعركة تماما كحال رفضهم شن عدوان على اليونان لجرها لحرب مدبرة كما كان يرغب أردوغان، ولكن لإضعافه أكثر أقتصاديا في ظل تردي وضع الليرة والأقتصاد التركي.

وفي ظل كل ما سبق يتساءل العرب على مواقع التواصل الاجتماعي بتعجب شديد  عن موقف إيران الداعم لأرمينيا (المسيحية)، مع إن أذربيجان ذات أغلبية شيعية، وبتعجب أكثر عن دعم تركيا الضخم لأذربيجان مع إن تركيا سنية.

وللاسف مازال هناك من يبحث عن الدين في الحرب والسياسية، ويوجه مشاعره وقراره حسب مذهب وديانة الدول المتصارعة!

فهل يعرف العرب إن أذربيجان لا شيعية ولا سنية ولا مسلمة بالأساس؟ فحال الدولة الملقبة بـ "إسرائيل القوقاز" كحال الإسلامي عدنان مندريس في الخمسينات والستينات من القرن الماضي وكحال نسخته المعدلة الآن المسمى بـ رجب طيب أردوغان، وهي اليوم تخوض حربا بالوكالة عنه، فكما كانت تركيا أول بلد ذات أغلبية مسلمة تعترف بدولة إسرائيل، كذلك كانت أول دولة تعترف بأستقلال أذربيجان عن الإتحاد السوفيتي، وشارك الأتراك الأذريين في تحرير باكو من الجيش البلشفي، كما شارك الإسلامي مندريس الصهاينة ضد العرب، وكما وضع أردوغان إكليلا من الزهور في متحف "ياد فاشيم" على ضحايا الهولوكوست بتل أبيب2005م، كذلك رفضت "إسرائيل" الإعتراف بابادة الأرمن، وهكذا كان رد الجميل والمواقف بين الصهاينة بمختلف مذاهبهم.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل