أخلاقيات الجيش اللبناني .. والتجربة الأميركية ـ  أمين أبوراشد

الأربعاء 03 حزيران , 2020 08:28 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

ما حصل على طريق القصر الجمهوري وبرعاية محطة تلفزيونية مشبوهة، من تصرُّف أرعن وغير أخلاقي مع الجيش اللبناني، ليس غريباً ولا بعيداً عن فكر بعض "الثوار"، سيما وأننا شهدنا منذ 17 تشرين الكثير من مواقف التمرُّد في الشارع على توجيهات ضباط وأفراد الجيش، الذين يحاولون استيعاب إنفعالات المتظاهرين بتفهُّمٍ وصبر، دون أن يخطفنا الكلام المعسول الذي يحاول من خلاله قُطَّاع الطُرق بيعه للجيش وهُم في الوقت نفسه يطالبون بهدم الكيان السياسي للدولة عبر مهزلة "كلُّن يعني كلُّن".

ولعل التصرفات الشوارعية لبعض المتقاعدين من الجيش والمؤسسات الأمنية - والعمداء منهم بشكلٍ خاص - مهَّدت الطريق للتطاول على المؤسسة العسكرية، وقد بات ثابتاً أن المناقبية التي ينهلها العسكريون، يتخلى الكثيرون عنها بعد قبض مئات الملايين من الليرات كتعويضات، الى جانب رواتبهم التقاعدية وملحقاتها، ونزعوا عنهم شرف البذلة وانحدروا الى حضيض السياسة بأدنى درجاتها، ولا عتب بالتالي على صبيان الأراغيل من المدنيين متى تطاولوا على الهامات العسكرية.

ليست المشكلة في المقارنة بين الجيش اللبناني الذي تنحدر أصول أفراده أباً عن جد من لبنان، وبين الجيش الأميركي الذي تضمّ مؤسساته الأمنية كل الأصول من أطياف الكرة الأرضية حيث يلعب العرق واللون لعبتهما عند حدوث المحظور، وليست المشكلة في المقارنة أيضاً بين مجتمعٍ لبناني صغير يغلِب عليه الطابع العائلي - ولو كان محكوماً بالطائفية - وبين مجتمعٍ أميركي قاريّ تترامى فيه جميع الثقافات والإختلافات والخلافات، بل المشكلة الحقيقية، هي في لبنانيين يُحاولون "أمركة" الشارع عبر الخروج عن المألوف في حق التظاهر، وتفوقوا على الأميركيين في التدمير والحرق والتنكيل، لتنفيذ أجندة أميركية!!

نعم، أجندة أميركية - إقليمية تقوم بتنفيذها أحزاب ومجموعات لبنانية منذ بداية عهد الرئيس ميشال عون، وارتفعت حدَّتها مع حكومة الرئيس حسان دياب، وأعداد المتظاهرين "الثوار" ليست هي المعيار، لأن التخريب الذي يحصل لا يحتاج كمَّاً من الجماهير بل نوعاً رديئاً من المخلوقات / الأدوات التي تُنفِّذ أوامر أسيادها من صبيان السفارات سواء في عوكر أو سواها.

"أمركة" لبنان وزرع الفوضى الشوارعية فيه، استكمالٌ لحربِ تجويعٍ ناعمة مارستها أميركا على لبنان تماماً كما فعلت في فنزويلاً، لكن المُلفِت أن الشعب الفنزويلي بقي تحت سقف مكاسب الثورة البوليفية، ولبنان الذي حقَّق أعظم الإنتصارات على العدوان الإسرائيلي / الأميركي يدفع ثمن النصر مؤامرات سياسية يُديرها عملاء داخليون مطلوب منهم تقويض إنجازات وطنية بتواطوء عربي وخليجي من نواطير آبار النفط وطراطير العمالة.

وكي لا "تتأمرك" ردود فعل الجيش اللبناني بمواجهة الإستفزازات التي ترتدي أحياناً طابع الإعتداء العلني، لا بدّ للحكومة أن تحزِم أمرها ببعض الإنجازات، وللقضاء أن يسحب من أدراجه القضايا المُريبة التي لم تعُد تحتمل "سُلحفاتية" في الأداء يستخدمها الإعلام المشبوه لتأجيج الفِتَن، وأي تهاون حكومي في المعالجة يرمي على الجيش والقوى الأمنية تبعات المكائد التي تنصبها ما تُسمَّى معارضة وهي ليست أكثر من مجموعات متآمرة على الوطن عند كل استحقاق وطني ...


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل