رعب العالم والتغييرات الواقعية ـ يونس عودة

الثلاثاء 24 آذار , 2020 12:21 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

رعب ..ذهول .. وفضول ,هي السمات التي تطبع اليوم سكان كوكب الارض ,الذي يشهد تغييرات متلاحقة تقاس بالدقائق , وليس كما درجت عليه البشرية , من مراكمة تستلزم سنوات , لا بل عشرات السنوات,ليأتي التغيير المنشود، ففي ظل موجة الرعب التي تجتاح العالم بشكل جماعي والناجمة عن فيروس كورونا المستجد ,والاخطر على البشرية في التاريخ الحديث ,والتي لا يمكن التنبؤ بموعد انتهائها, هناك اسئلة كثيرة ,لاسيما حول المآلات المستقبلية للبشرية , والانسانية , على المستويات الثقافية والسياسية والاقتصادية , وايضا العلمية .

واذا ركزنا بشكل دقيق على المواكبة الاعلامية في مجملها , ولاسيما من اتباع المدرسة الغربية , وبالاخص الاميركية ,نرى انها تدفع سكان الارض الى سجون الرعب, التي عصفت بالحكام والشعوب على حد سواء ,على الرغم من قيامها نفسها بحركات توعوية,وهذا لا يعني التقليل من مخاطر الفيروس القاتل ,والذي حبس اكثر من ملياري انسان في بيوتهم ,واوقف حركة الاقتصاد العالمي, وشل منظومات التعليم ومعظم شرايين الحياة في العالم, وهذا بحد ذاته ايضا زاد من مفاقمة الاسئلة عن الاسباب الفعلية التي ادت الى انتاج هذا الفيروس ,وسط شبه عجز عن ايجاد الترياق الشافي منه حتى الان , رغم تجند الاف مؤلفة من علماء الطب حول العالم في البحث ,والتجارب , وكذلك إعلان العديد من الدول انها توصلت لمؤشرات مبشرة ,يمكن ان تقي البشرية من الاصابة بالوباء ,وجعلت وسائل الاعلام عبرها تتلاعب  في نفوس المجتمعات و الثقافات والأديان والهويات، لتجعل من نفوس البشر مختبرا دائما للمواد الإعلامية المدمرة في معظمها لحيز الطمأنينة والاستقرار والسلام و العدل و المحبة التي ينشدها الجميع.

لا شك ان العالم , لا بل كوكب الارض ,بما فيه وعليه يدخل بخطى متسارعة الى مرحلة جديدة ,انتجتها عملية التعاطي مع الوباء في التفكير والمكان,بحيث تصدرت "الانا", او كشفت عن نفسها, لاسيما في الدول التي طالما ادعت التضامن الانساني , والحرية والديمقراطية , وانها اسست للبشرية نظاما لا يجارى في المحبة والعدل والطمأنينة.

لتكن هناك بعض الامثلة الصارخة على الاضاليل والتلاعب بمشاعر البشرية جمعاء , لقد اثبت الاميركيون انهم كأنموذج حكم وعلاقات انهم مجردون من الانسانية ,لابل انهم لا يقيمون للعلاقات حتى مع اقرب المقربين لسياساتهم ,اي قيمة انسانية او بشرية , ولعل المثال الاول ما ورد على لسان الرئيس الصربي بمرارة وهو كان التواق ليكون في الحلف الاطلسي والعضو في الاتحاد الاوروبي حيث قال: "الآن ندرك جميعا ان ما يسمى بالتضامن العالمي غير موجود فعليا وكذلك التضامن الاوربي , لقد كانت قصة على الورق,,لدينا الامل الوحيد في الصين ,,مع الاشارة الى ان الاتحاد الاوروبي منع صربيا من استيراد المواد العلاجية بحجة عدم وجود ما يكفي الاتحاد,وهذا القرار اتخذه اشخاص كانوا يرسلون لنا الاوامر,بانه لا ينبغي شراء البضائع من الصين,ويطلبون منا شراء كل البضائع من الاتحاد,ويفرضون علينا شروطهم ,وعندما يريدون المال الصربي ,يفرضون علينا شروط مناقصاتهم لتأخذ الشركات الاوروبية المال الصربي ,واليوم وسط المخاطر والالم , لم يعد المال الصربي ضروريا وصدقوني سأجد طريقة لشكرهم ,ليس كما اقول اليوم ككلمات رئيس دبلوماسية مهذبة " .

اما ايطاليا العضو في الاطلسي , ويوجد فيها اهم القواعد العسكرية الاميركية , لم تجد معينا الا روسيا والصين وكوبا , وجميعهم ارسلوا عشرات الطواقم الطبية مع كامل المعدات وعقاقير العلاج ,واللافت ان روسيا عندما سئل المتحدث باسم الكرملين هل تتوقعون ان ترفع ايطاليا العقوبات عنكم جراء المساعدات ,اعلنت انها لا تطلب شيئا مقابل الخطوة المساعدة لمواجهة الفيروس في ايطاليا.بينما الاميركيون لا يزالون يمارسون ارهابهم في منع ايران من استيراد مواد يمكن ان تساهم في تطويق الجائحة ,ويواصلون عقوباتهم واكاذيبهم بفجور متعاظم .

اذا اخذنا هذه الامثلة فقط يمكن ان نرى مدى انعكاسهما على القضايا الإقليمية والدولية، وكذلك مصير المسارات في الكثير من الدول بعد ان تحط الحرب بمواجهة كورونا اوزارها , وهي ستحط حتما, ولو حصدت ملايين الارواح البشرية.وسيكون العنوان الاول أمام البشرية كيف تتعاون في مواجهة المصاعب والمصائب التي يمكن أن تصيبنا جميعا، حيث ستقوم مفاهيم جديدة , لا بل استعادة ثقافة ما قبل الرأسمالية المتوحشة ,بمنظومة اخلاقية تدفع البشرية لأن تتخلى عن التحالفات والمواجهات، وتحقيق المصالح الخاصة لأطراف ما على حساب أطراف وشعوب أخرى.وحتما لن يبق الاميركي البشع ,الازعر المستبيح للعالم وثرواته .والذي يبحث اليوم عن اسواق لبيع عقاقيره الكاذبة , وهو فتح منذ اليوم الاول للفيروس القاتل ,بازار المزايدة بانه وجد العلاج , والمسألة ,مسألة وقت للانتاج , وهذا كان على لسان رأس النظام دونالد ترامب والذي كذبه عالم من اهل بيته , بانها مجرد اقاويل . 

في المقابل، فان عالماً اخر سيبرز يكون فيه الدور الابرز للقوى والدول الناشئة في تكوينها على الطيبة، والتسامح، وتسري في شرايينها دماء الأصالة والعراقة والحضارات القديمة،وليس الذين اقاموا دولا على قتل حضارات وتشريد شعوب من واشنطن الى تل ابيب .كما ان التحالفات الاقتصادية القائمة على المصالح الحقيقية في التبادل ستجد ابوابا واسعة , وستكون المانيا وايطاليا واسبانيا ثلاثي اوروبا الاول الذي سيضرب الحذاء بوجه اميركا , و مؤشراته قد بدأت قبيل كورونا ,

لا شك انه، سيكون هناك تغيير كامل في المشهد السياسي في بلدان معينة.وسوف تكسب من ذلك كل من القوى المناهضة للنظام العالمي الأميركي، وسترتكز على واقع أن النظام الغربي الذي قادته واشنطن ذبل بالمعنى السياسي -الثقافي وعجز عن حماية الناس.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل