أهم أحداث السيرة في شهر رجب ... "تحويل القبلة"

الأربعاء 26 شباط , 2020 01:10 توقيت بيروت إسـلاميــّـــات

الثبات - اسلاميات

 

أهم أحداث السيرة في شهر رجب

تحويل القبلة

 

القبلة ليست مجرد بناء يحدد المصلين في صلاتهم وحسب، إنَّها كما قبلة واحدة تجمع هذه الأمة وتوحد بينها على اختلاف مواطنها، واختلاف مواقعها من هذه القبلة، واختلاف أجناسها وألسنتها وألوانها.

قبلة واحدة تتجه إليها الأمة الواحدة في مشارق الأرض ومغاربها، فتحس أنَّها جسم واحد، وكيان واحد، تتجه الى هدف واحد، وتسعى لتحقيق منهج واحد. منهج ينبثق من كونها جميعاً تعبد إلهاً واحداً وتؤمن برسول واحد وتتجه الى قبلة واحدة.

بقي المسلمون لأكثر من عشر سنوات قبل رحلة الاسراء يتجهون في صلاتهم لبيت المقدس، فكان الواحد منهم يقف ما يقرب من خمس ساعات من الليل يتهجد لربه، يتلو من القرآن الآيات الطوال عن قصص الأنبياء والمرسلين، والتي كانت معظم أحداثها تدور ببيت المقدس ومسجده الاقصى المبارك، فتمتلئ أرواحهم شوقاً وتزداد قلوبهم تعلقاً بهذه القبلة التي كانت مهداً للأنبياء والصالحين.

في السنة الثانية للهجرة في شهر رجب جاء الأمر الإلهي بتحويل القبلة من بيت المقدس للكعبة المشرفة، وقد كان لهذا الأمر الإلهي الكثير من ردود الأفعال لدى مختلف فئات الناس بالمدينة وخارج المدينة.

قال تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ}.

وعَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ : "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَوَّلَ مَا قَدِمَ المَدِينَةَ نَزَلَ عَلَى أَجْدَادِهِ، أَوْ قَالَ أَخْوَالِهِ مِنَ الأَنْصَارِ، وَأَنَّهُ صَلَّى قِبَلَ بَيْتِ المَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْراً، أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْراً، وَكَانَ يُعْجِبُهُ أَنْ تَكُونَ قِبْلَتُهُ قِبَلَ البَيْتِ، وَأَنَّهُ صَلَّى أَوَّلَ صَلاَةٍ صَلَّاهَا صَلاَةَ العَصْرِ، وَصَلَّى مَعَهُ قَوْمٌ، فَخَرَجَ رَجُلٌ مِمَّنْ صَلَّى مَعَهُ، فَمَرَّ عَلَى أَهْلِ مَسْجِدٍ وَهُمْ رَاكِعُونَ، فَقَالَ: أَشْهَدُ بِاللَّهِ لَقَدْ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِبَلَ مَكَّةَ، فَدَارُوا كَمَا هُمْ قِبَلَ البَيْتِ، وَكَانَتِ اليَهُودُ قَدْ أَعْجَبَهُمْ إِذْ كَانَ يُصَلِّي قِبَلَ بَيْتِ المَقْدِسِ، وَأَهْلُ الكِتَابِ، فَلَمَّا وَلَّى وَجْهَهُ قِبَلَ البَيْتِ، أَنْكَرُوا ذَلِكَ".

أما كيفية تحول الصحابة رضي الله عنهم الذين بلغهم أن القبلة قد تحولت في أثناء الصلاة، فكان ذلك: بأن استدار الإمام ومن معهم من المأمومين من مكانهم على شكل نصف دائرة، بحيث أصبح الإمام في مؤخرة المسجد من جهة الكعبة، والرجال خلفه، والنساء في مكان الرجل .

لماذا كانت القبلة أصلا الى بيت المقدس؟

وهنا لا سبيل الى الاجابة إلا بالنظر الى الظروف المختلفة المحيطة بمكانة بيت المقدس في الاسلام فالصلاة الى بيت المقدس لأكثر من عشر سنوات كانت الدعامة الأساسية في تثبيت وتركيز أهمية هذه الأرض في قلب النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين ومن بعد هذا التثبيت والتأكيد عاد المسلمون الى القبلة التي ارتبطت بإبراهيم عليه السلام، الذي يرتبطون به باعتبار الاسلام ملة ابراهيم الحنيفية السمحة، و لذلك نرى أنَّ النبي صلى الله عليه و سلم وبعد ترسيخ هذه المفاهيم لديه وترسيخه اياها لدى المسلمين يتجه بنظره الى ترتيب الأولويات، فيكون تحويل القبلة الى مكة المكرمة بعد الهجرة، و يبدأ طور العمل لأجل فتح مكة المكرمة عقر دار الاسلام و معقله الأول.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل