الحراك يخسر حلفاءه ـ عدنان الساحلي

الجمعة 14 شباط , 2020 01:04 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

يخسر الحراك الشعبي اللبناني "حلفائه" الواحد تلو الآخر، في تراجيديا تبدو ضرورية لتنظيف شعاراته من الملوثات التي دستها فيها أجندات داخلية وخارجية، لا علاقة لأوجاع ومعاناة اللبنانيين بها.

لم يكن ينقص هذا الحراك إلا أن يهاجم "تيار المستقبل" خيمه في ساحة الشهداء ويعتدي على القابعين فيها من شبان وفتيات؛ بعدما كانوا سابقا قد نالوا نصيباً من الضرب والإعتداءات من الحزب الإشتراكي، خصوصاً في ساحة عاليه؛ ومن حزب "القوات" في ساحة ساسين وغيرها. وكانوا نالوا نصيباً مراً من حركة "أمل" في وسط البلد، إمتداداً من جسر "الرينغ" وصولاً إلى ساحة الشهداء وحتى ساحات صور والنبطية. علماً أن بعض هؤلاء المعتدين كانوا من مشاركي الحراك في التجييش الشعبي وفي الحشد في ساحات الإحتجاج. وبعضهم "ورط" الحراك في قطع الطرق وفي الإعتداء على المارة والتضييق على حركة المواطنين، في حين كان الهدف المعلن هو التضييق على الحاكمين.

ويتحمل قادة هذا الحراك "السريون" حتى الآن، مسؤولية ما آلت إليه أحوال المنتفضين ضد قرارات حكومة سعد الحريري المستقيلة، فهؤلاء "القادة" تورطوا في تحالف مع أصحاب المصلحة في حرف الحراك وفي إستغلاله لمصالحهم السياسية والحزبية ولإرضاء تحالفاتهم الخارجية، في رهانات قصيرة النظر إستقوت بفاسدين لمحاربة فاسدين مثلهم، تبين للحراك "الصادق" كما يحلو للبعض تسميته، أن الطرفين يتصارعان على تحسين المواقع ولا يفرطان بمصير هذا النظام الذي يجمعهم ويتيح لهم تحكمهم وتسلطهم على البلاد ورقاب العباد.

من البداية إختبأ الحراك "الحقيقي" خلف قوى سياسية من أحزاب أمضت عمرها في السلطة. ولذلك رفض الإعلان عن قيادته أو تشكيل قيادة من المنتفضين في الشارع، في حين استغلت الأحزاب الحراك في محاولة تحسين شروطها داخل السلطة؛ وفي منع الوعود بالإصلاح من التحول إلى فعل محاربة حقيقية للفساد والفاسدين. وكان أخطر ما أرتكبه هذا الحراك هو تورطه في محاولة إثارة فتنة بين حركة "أمل" وحزب الله في الجنوب. خدمة للمشروع الأميركي-"الإسرائيلي" الساعي للتخلص من المقاومة بأي ثمن، كما كان استغلال الحراك في الدعوة إلى تعويم سعد الحريري في حكومة يكون ديكتاتورها وقائدها والسياسي الوحيد فيها، سقطة قطعت حبال الثقة بين شرائح ضخمة من اللبنانيين وبين الحراك، خصوصاً أن هؤلاء ممن تجاوبوا مع الإنتفاضة في أيامها الأولى.

ما يجدر قوله في هذا المجال، أن الحراك إكتشف مـتاخراً أنه كالزوج المخدوع، فهو إنتظر أربعة أشهر ليكتشف منذ أيام، في جلسة الثقة بالحكومة الجديدة أن تحالف قوى النظام والسلطة في ما بينها، أقوى من تحالفها العرضي مع المحتجين على قرارات حكومة الحريري وعلى الفساد المتغلغل في أركان السلطة والدولة، في حين أن الوجه الظاهر للحراك كان أحزاب سلطة ونائبة لا مصداقية لها وقطع مشبوه للطرق في البقاع والجبل وعلى طريق الساحل؛ ومجموعات فوضوية ترسل وتمول من الشمال لنشر الفوضى في بيروت.

ومن المستغرب ألا يتنبه الغيورون على هذا الحراك المطلبي، أن هجمة "تيار المستقبل" على خيم ساحة الشهداء أمس، ليست لإفساح المجال لقراءة الفاتحة على قبر الرئيس الراحل رفيق الحريري، مثلما حاول البعض تبسيط المسألة، بل هي عملية إسقاط لإحدى أوراق القوة من يدي حكومة حسان دياب. ففي الوقت الذي يركز النائب السابق وليد جنبلاط سهامه باتجاه العهد والرئيس ميشال عون، لحصاره ومنعه من القيام بأي خطوة أو إنجاز باتجاه محاسبة الفاسدين، يشاركه "المستقبل" هذا الهجوم ويتقدم عليه بالهجوم على الحراك، الذي لولاه لما كانت الحكومة الجديدة، كما قال  رئيسها. هذا الحراك الذي سبق أن تغنى بالحريري ووصفه بأنه "الوحيد الذي شعر مع الشعب وتجاوب مع الشارع واستقال".

هجمة "المستقبل" على الحراك، هي لقطع الطريق أمام مخالفة الحكومة لإرادة جمعية المصارف في كيفية التعامل مع مسألة الديون. وهي ضغط لمنع فتح ملفات تطال الفترة السابقة. كما أنها في سياق تصعيد أميركي جديد متوقع، فالأميركي لم يتراجع عن مطالبه وشروطه المرفوضة من قبل الشعب اللبناني ومن قبل العهد ورئيسه. فهل ينخرط الحراك في معركة صد المطالب الأميركية، أم يبقى أسير من افقدوا اللبنانيين فرصة نزولهم القوي إلى الشارع، ليحاربوا الفاسدين وليس ليضعفوا مقاومة لبنان في وجه ألأميركي و"الإسرائيلي"؟

 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل