إسهاماً في صحة الليطاني.. ليعتبر كل من يلوثه عميلاً "اسرائيلياً" ـ أحمد زين الدين

الخميس 22 آب , 2019 12:25 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

إذا قيل منذ قديم الأزمنة أن "مصر هبة النيل" فإن لبنان يكاد يكون أو حقاً كذلك هبة نهري العاصي والليطاني، لكن نهر العاصي يتقاسمه لبنان مع سورية وتركيا، إذ هو ينبع من أعالي سهل البقاع في لبنان وليس له منبع وحيد بل ثلاث مجموعات من المنابع أهمها مجموعة منابع عين الزرقا وشواغير والهرمل من سفوح سلسلة جبال لبنان الغربية، ومجموعة ينابيع اللبوة وعين فلكية ورأس بعلبك من سفوح جبال لبنان الشرقية، ومجموعة منابع الزراعة قرب بلدة جوسية في شمال البقاع، حيث يدخل بعدها إلى الأراضي السورية عند نقطة طاحونة العمرية في بلدة ربلة، ليشكل وادى العاصي المعروف في سوريا. وبعد أن يقطع 20 كم في الأراضي السورية، يدخل إلى بحيرة قطينة ويخرج منها متابعاً مساره في محافظة حمص حتى بلدة الرستن حيث أقيم عليه سد الرستن ثم يدخل أراضي محافظة حماة عند زور العاشق ثم يتابع مسيره حتى يدخل مدينة حماة فيقسمها نصفين حيث أقيمت عليه نواعير عملاقة هي الأكبر من نوعها في العالم وتنتشر على جنبات النهر البساتين والخضرة. ثم يتابع طريقه إلى محردة حيث أقيم عليه سد محردة ومن ثم يتابع إلى سهل الغاب حيث أقيم عليه سد العشارنة، وثم يتجه النهر إلى الشمال ليصل إلى جسر الشغور ودركوش ثم يدخل مدينة أنطاكية في لواء اسكندرون السوري السليب والذي تحتله تركيا منذ 1939، ثم خليج السويدية حيث يصب في البحر المتوسط. ويبلغ طوله حوالي 571 كم منها 46 كم في لبنان و 525 كم في سوريا ولواء اسكندرون.

الليطاني

أما نهر الليطاني فهو أطول الانهر اللبنانية ينبع من غرب بعلبك ويصب في البحر المتوسط شمال مدينة صور. يبلغ طوله 170 كلم ينبع ويجري ويصب في لبنان. وتبلغ قدرته المائية تقريباً 750 مليون م3 سنوياً والذي أقيمت عليه المشاريع والدراسات للاستفادة منه في إنتاج الطاقة الكهرومائية وتأمين مياه الري والشرب للبقاع والجنوب والساحل بهدف تنمية القطاع الزراعي والكهربائي وللحد من النزوح والهجرة.

يحتل حوض الليطاني المرتبة الأولى من حيث المساحة (2175 كيلومتر مربع) أي حوالي 20% من مساحة لبنان، يقع 80% منها في سهل البقاع و20% في لبنان الجنوبي.

يبلغ متوسط هطول الأمطار في هذا الحوض 700 مليمتر في السنة أي حوالي 764 مليون م3، تتوزع على الشكل التالي : 543 مليون م3 في سد القرعون و 221 مليون م3 في باقي السدود.

كميات المياه التي يصرّفها الحوض تعادل 24% من المتساقطات الصافية على مجمل الأراضي اللبنانية، وهذه الكمية تمثل أكثر من 40% من مجموع كمية المياه الجارية في الأنهر الداخلية.

 

ينبع نهر الليطاني من عدة ينابيع تدعى ينابيع العليق الواقعة على مسافة عشرة كيلومترات إلى الغرب من مدينة بعلبك، على علو ألف متر ويخترق الليطاني سهل البقاع من شماله إلى جنوبه حيث يحافظ على مستوىً يتراوح بين 800 و 1000 متر.

يزداد تصريفه تدريجياً بسبب الروافد التي تنضم إليه.

عندما يخرج الليطاني من البقاع ويدخل في القسم المنخفض من مجراه، فانه يهبط من علو 800 متر إلى مستوى البحر ضمن مسافة 100 كيلومتر، ويبلغ هذا الانحدار أشده، على علو خمسماية متر، ضمن مسافة لا تزيد عن أربعين كيلومتر.

في هذا القسم المنخفض يتلقى مياه نهر زريقون ونهر وادي السلوقي ثم ينحرف مجرى النهر باتجاه الغرب عند جسر الخردلي، بالقرب من قلعة الشقيف تجاه دير ميماس عند المنسوب 235 متر، حيث يسمى بنهر القاسمية، الذي يصب في البحر المتوسط على بعد ثمانية كيلومترات إلى الشمال من مدينة صور.

 

 

 

الأطماع الصهيونية

لقد كان نهر الليطاني دائماً محل الأطماع الصهيونية، حتى قبل اغتصاب فلسطين، بحيث دلت الوثائق والتصريحات الإسرائيلية، أن الصهاينة يعتبرون حدود كيانهم غير سوي مادامت لاتضم نهر الليطاني وأنهراً عربية أخرى...وحتى لانطيل في سرد التاريخ نشير إلى رسالة لحاييم وايزمن في شهر كانون 1919 إلى رئيس الحكومة البريطانية آنئذ لويد جورج يكشف فيها عن اطماع الصهيونية في السيطرة على نهر الليطاني جاء فيها "سيدي.. في اللحظة التي توشك فيها ان تشترك مع زملائك في المفاوضات النهائية التي سيوقف عليها مصير فلسطين، تود المنظمة الصهيونية ان تتوجه اليك في موضوع يسبب لها اعمق القلق، وهو مسألة حدود فلسطين الشمالية.. ان مقتضيات الحياة الاقتصادية العصرية تتطلب بالحاح ما ندعيه من حقوق في الشمال. ان مستقبل فلسطين الاقتصادي كله يعتمد على موارد مياهها للري والطاقة الكهربائية، وتستمد موارد المياه بصورة رئيسية من منحدرات جبل حرمون، ومن منابع الاردن ونهر الليطاني، ثم يشير الى نتائج التقرير الذي اعده المهندسان البريطانيان "تشارلز متكالف" و "جون فريمان" بتكليف من الصهيونية حول دراسة امكانات فلسطين الاقتصادية حيث يقول التقرير من ضمن مايقول: "ستستمد ثروة فلسطين في المستقبل، في الدرجة الاولى، من تربتها ومناخها الملائمين لزراعة الفواكه والمحاصيل الاخرى الثمينة. لكن هذه المحاصيل تتطلب من الماء اكثر مما يوفره المطر الطبيعي لذلك كان العائق الثاني لفلسطين عدم كفاية ما يسقط من مطر

للتعويض عن هذين العائقين، زودت الطبيعة منطقة فلسطين بما يلي:‏‏

المياه في الاردن للري.‏‏

مياه جوفيه لا يمكن استغلالها كاملة الا بواسطة.

مياه الليطاني للري المباشر وتحويل نهر الأردن.

نرى من الضروري ان يضم حد فلسطين الشمالي وادي الليطاني الى مسافة نحو 25 ميلا فوق المنحنى ومنحدرات جبل حرمون الجنوبية، لضمان السيطرة على منابع الأردن واتاحة اعادة المنطقة".

إذن، واضحة تماماً الأطماع الصهيونية في نهر الليطاني ومياه لبنان، وهي شنت حربين على لبنان تحت عنوان "عملية الليطاني".

كان من الأوائل الذين وعوا أهمية هذا النهر هو المهندس اللبناني المرموق ابراهيم عبد العال الذي أدرك الأطماع "الاسرائيلية" بمياه لبنان، ولهذا صمم مشروع نهر الليطاني وهندسه بمجهوده الشخصي.

لاتكفي هذه العجالة لإعطاء هذا المهندس صاحب البصيرة النافذة والمستقبلية حقه، لكن أخطر مافي الأمر أنه توفي عام 1959 وهو دون الحادية والخمسين من العمر، حين أدخل إلى إحدى مستشفيات بيروت، حيث توفي بظروف غامضة، بالتزامن مع البدء بتنفيذ مشروع نهر الليطاني.

الآن، يتعرض نهر الليطاني لعدوان خطير، هو التلوث، الناتج عن نفايات المصانع ومياه الصرف الصحي، مما جعله نهراً مريضاً، تعمل المصلحة الوطنية لنهر الليطاني بجد واجتهاد من أجل مكافحة التلوث وإعادة النهر إلى صحته وسلامته، لكن يبدو أن كثيراً من الصعوبات تعترض عملها ومهامها.

وبالتالي، أمام هذا العرض السريع، ثمة اقتراح اراه وجيهاً وضرورياً لمعالجة صحة النهر، إذ بالإضافة إلى الحلول التقنية والعلاجية المقترحة، أرى ضرورة لإعلان موقف وطني كبير وحاسم يقضي باعتبار كل من يلوث نهر الليطاني عميلاً صهيونياً، وأنه سيعامل، كما عومل زبانية أنطوان لحد وقبله سعد حداد وكل العملاء ... فهل سنرى مثل هذا القرار؟!


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل