جنبلاط .. واستراتيجية المواجهة للبقاء ! ـ د.نسيب حطيط

الجمعة 09 آب , 2019 11:01 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

يعترف الوزير جنبلاط بصعوبة المرحلة السياسية الراهنة وانها ليست في مصلحته سواء على مستوى التوريث السياسي او على مستوى المسار العام في المنطقة ولبنان بعد هزيمة ما سمي الربيع العربي ومراهنته على انتصاره وهزيمة المحور المقاوم..حيث احرق كل جسور التواصل وغادر شاطىء الحياد او الترقب (كما فعل البعض). لكنه كان يأمل ان شراكته في الربيع بكل ما يملك سيجعله الرابح الاكبر في اللوتو العربي..وذلك بناء على تطمينات اميركية بان الانتصار على سوريا وايران سيؤدي حتما للانتصار على المقاومة وحزب الله في لبنان..وحتى لا نتهمه بالمراهقة السياسية او عدم المعرفة فإن المعطيات المادية والميدانية كانت تشير الى ما اعتقد به او ابلغ به ..حيث لم يكن احد يتصور بامكانية انتصار المقاومة كما كان ذلك في حرب تموز ٢٠٠٦!

لا يستطيع الوزير جنبلاط القبول بموقع التابع او المنفذ دون شراكة في القرار السياسي والمحاصصة والارباح شأنه شأن الشخصيات والقوى السياسية التي تربعت على الحكم اثناء الحرب الاهلية وبعدها على الاقل من الناحية النفسية والمعنوية ..فهي لا تقبل ان يحكمها جيل اطفال الحرب كما يصفون  السياسيين الجدد الذين يتصرفون بفوقية وعنجهية ويريدون استرداد ما خسروه(وفق رأيهم)  خلال اربعين عاما باربعين يوما في الحكم !!!

سيعتمد الوزير جنبلاط استراتيجية نقل المعركة من البيت الدرزي الى خارجه سواء مع حزب الله. او مع التيار الوطني الحر لتأمين التعبئة والتحشيد المذهبي وعدم احداث الفوضى في البيت الدرزي والمساهمة بدون قصد بتثبيت زعامات درزية جديدة او تقوية ما كان موجودا ...

لا يقلق جنبلاط من بيان السفارة الاميركية الفضفاض بل يعتبره نافذة لنقل الخلاف الدرزي الى التدويل وهذا ما يغير مفاتيح وقواعد اللعبة باضافة لاعبين جدد وتوسعة اطراف الحوار والتفاوض وهذا ما يعيد اليه بعضا من دوره السياسي المتصحر وهو يريد بشكل اساس استدراج  حزب الله للحوار لمقايضته العفو عما مضى مقابل المساكنة والصمت عما سيأتي الى ان يتبين الخيط الابيض من الخيط الاسود اقليميا ...حتى يقرر تموضعه الجديد اي يطالب بربط نزاع سياسي  وربما ميداني ...

التصعيد الجنبلاطي سيكون بالاصالة وبالنيابة عن شركاء او متضررين آخرين من السلوكيات او التعاطي السياسي للبعض على صعيد الحكم او التشريعات او المحاصصة وسيكون مجلس الوزراء اداة الضغط الاساسية عبر تعطيله عبر منظومة فرملة العهد.وانتاجيته ...

التصعيد الجنبلاطي هدفه رفع شروط التفاوض وتحسينها...لأن لبنان محكوم بمعادلة لا غالب ولا مغلوب وان منهج الإلغاء او العزل السياسي غير ناجح تاريخيا ...وهنا لا بد من التعاطي بحنكة وذكاء مع استراتيجية جنبلاط واستيعابها حتى لا ينفذ من بعض النوافذ اجهزة المخابرات والتكفيريين  وانصار التوطين للفلسطينيين والسوريين واشعال الفتن الامنية التي تسهل ذلك او تدفع البعض للحظة انفعال سياسي تضعه في موقع القبول بالاملاءات الخارجية التي يظن ان خصومه سيدفعون ثمنها ..لكنه سيدفع ثمنها عاجلا ام آجلا.... لضرورة عدم تسهيل الاصطفاف المذهبي الدرزي بمواجه مع الشيعة والمسيحيين ...لاسباب دينية ووطنية واخلاقية وامنية استراتيجية ....

لا لمعركة كسر العظم مع احد ...للاحتواء ..ومن استطاع اعادة التعامل مع قطر والامارات وتركيا وربما السعودية ...يستطيع التعامل مع جنبلاط والقوى التي تضامنت مع ما يسمى الثورة السورية التي  انتهت وغاب قادتها وتنظيماتها وتشكيلاتها السياسية والعسكرية ولم يبق منها سوى داعش والنصرة واجهزة المخابرات المتعددة الجنسيات.....

يقاتل جنبلاط من اجل حفظ بيته السياسي وليس من اجله شخصيا....ولذا سيكثف من هجومه الدفاعي لاجبار الاطراف المنتصرة بحماية وريثه السياسي حتى لو اضطره للابتعاد عن المشهد السياسي المباشر لصالح وريثه ومنحه هامشا خاصا للتحرك لعل القوى التي لم يهزمها الربيع العربي توقع اتفاقا وصفحة جديدة مع الوريث العتيد .....


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل