الحكومة تقرّر نزع أموال اللبنانيين بعد سلاح المقاومة ــ د. نسيب حطيط

السبت 27 كانون الأول , 2025 10:05 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
تمكنت الحكومة اللبنانية (حكومة فيشي) من تحقيق انتصارات على المقاومة واللبنانيين، للفوز  "بجائزة التعرّي الوطني والإنساني"، بسبب تدميرها مقوّمات القوة والعدالة، وتقويضها للأمن العام والاجتماعي وفقاً للجداول الزمنية التي حددها الحاكم الأمريكي، وبناءً على المطالب "الإسرائيلية" التي حاولت الحكومة تغليفها بعناوين لبنانية خادعة، مثل "حصر السلاح بيد الدولة" و"استعادة قرار الحرب والسلم"، وهي العاجزة او المُمتنعة عن التصدي للطائرات "الإسرائيلية" من التحليق فوق اجتماعاتها الرسمية، أو إجبار "إسرائيل" على الانسحاب، أو منعها من تفجير المنازل.
نجحت حكومة "نوفي"؛ النسخة اللبنانية من حكومة "فيشي" الفرنسية في تدمير وإلغاء كل ما بنته المقاومة على مدى أربعين عاماً في الجنوب، دون أي مقابل من الجانب "الإسرائيلي"، كما أقرت "تشريع" سرقة المصارف لودائع اللبنانيين، المقيمين والمغتربين الذين جمعوها طوال أربعين عاماً، ورمت جميع المتقاعدين المدنيين والعسكريين على أرصفة الفقر والمرض والقلق بعد انهيار الليرة اللبنانية بفعل الحصار الأمريكي وفساد المسؤولين وسرقة العصر التي قامت بها المصارف، برعاية سياسية وصمت حزبي؛ نتيجة تقاطع المصالح. 
بعد عام من تنصيبها، أنجزت حكومة "نوفي" كل ما كُلفت به، وستستمر في إنجاز المطلوب ما دامت تؤمن "شرعية" بقائها، بمشاركة بعض قوى المقاومة التي لم تستطع منع إقرار نزع السلاح، واستمرت في الحكومة ومنحتها الشرعية، كما لم تتمكن من منع إقرار سرقة ودائع المودعين، ولم تقدم مشروعاً بديلاً، وبقيت تعترض شكلياً، مع استمرارها في منح الشرعية لحكومة "نوفي" التي لم توافق حتى الآن على إعمار ما دمرته "إسرائيل" خلال الحرب.
إن قانون "الفجوة المالية" الذي أقرته حكومة "نوفي" أحدث "فجوة" كبرى في الحياة الاجتماعية والمعيشية للبنانيين وفجر أحلامهم، وباعهم وعوداً بإعادة أموالهم عبر سندات وهمية تمتد لسنوات طويلة دون ضمانة لتحقيق ما تم إقراره، وهو الحد الأدنى من حقوقهم.
ونتساءل:
 أين حقوق النقابات المهنية وصناديقها التعاضدية التي كان من المفترض أن تغطي رواتب تقاعدية لعشرات الآلاف من المهندسين والأطباء والمحامين وغيرهم، والتي سرقتها المصارف، وصمتت عنها مجالس النقابات القاصرة أو المتواطئة، والنتيجة أن جميع أعضاء المهن الحرة أصبحوا بلا معاشات تقاعدية أو يتقاعدون بمبالغ رمزية؟!
ماذا عن أموال الضمان الاجتماعي والتعويض التقاعدي الذي يساوي نصف راتب شهر؟
ما مصير الودائع التي سرقتها المصارف وباعتها بشيكات مصرفية بقيمة عشر أو خمس قيمتها الأصلية؟ 
ما مصير الأموال المهرّبة الى الخارج؟
لماذا لا يتم محاكمة أصحاب المصارف والمسؤولين الرسميين المشاركين في "الكارثة المالية"؟
إن حماية اللبنانيين، ومنهم أهل المقاومة، هدف مقدس وأساسي، فكما هو واجب الدفاع عن الناس وأرضهم وكرامتهم بمواجهة العدو الإسرائيلي، فإن الدفاع عن كرامتهم ورواتبهم وحقوقهم وممتلكاتهم أمر ضروري، خصوصاً أنهم بدؤوا يضطرون لبيع ممتلكاتهم كالشقَق والعقارات بأسعار بخسة لتأمين ثمن الدواء وأقساط المدارس والجامعات وإن أي تهاون أو تقصير في الدفاع عن حقوقهم داخل مجلس الوزراء، والمجلس النيابي، والإدارات المعنية، يُشبه التنازل عن السلاح والمشاركة في قرار نزعه  ولن يجدي نفعًا التبرؤ من هذه الخطيئة عبر خطابات الحسينيات أو تصريحاتٍ لرفع العتب وشتم الدولة!
إذا كانت الظروف قد سلبت 'الثنائية' إمكانية التأثير على القرار الحكومي وعجزت عن منع إقرار ما تعارضه، فما الفائدة من بقائها في الحكومة ومنحها شرعية الاعتداء على المقاومة وعلى الناس؟
هل يستحق ربح بعض التعيينات الإدارية أو المصالح ،أن نلوّث تاريخنا وأيامنا المجيدة ،لنكون شركاء في حكومة "نوفي" التي قرّرت نزع السلاح والتفاوض المباشر مع "إسرائيل"، ولو أنكر البعض ذلك وأن نكون شركاء في حكومة شرّعت سرقة أموال اللبنانيين والتي ستوقع التطبيع أو السلام المقنّع مع العدو "الإسرائيلي"؟
إن لم تستطع قوى المقاومة في حكومة "نوفي"   أن ترد خناجر الحكومة عن المقاومة وعن الشعب والمواطنين.. فلماذا تصرّ على تلويث يدها بدماء المحرومين والمستضعفين من اللبنانيين؟
أنقذوا أنفسكم من عار المشاركة في حكومة "نوفي" التي تمثل المصالح الأمريكية و"الإسرائيلية" في لبنان ولا تُهدروا 50 عامًا من الكرامة والتضحيات والشهداء من أجل "فتات دنيوي"!
أيها المظلومون والمحرومون والمستضعفون: لا عذر لكم بالصمت والاستسلام... بادروا لحفظ حقوقكم..

*حكومة "فيشي" هي الحكومة الفرنسية التي أعلنت الولاء لألمانيا بعد احتلالها.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل