شمال افريقيا ... بركان يرفض الخمود ـ يونس عودة

الثلاثاء 11 حزيران , 2019 12:29 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

لا يبدو ان البركان الذي يغذيه الغرب بالوقود في شمال افريقيا ,آيل الى الخمود في المدى المنظور، رغم التصريحات المواكبة للعواصف البركانية من حين إلى آخر، بامكانية ايجاد حلول وان الفرص مفتوحة، لا بل متاحة.

ففي ليبيا باتت عملية حسم معركة طرابلس هي المؤشر الكبير على الصراع الدولي الاقليمي الذي يدفع الشعب الليبي بكل مكوناته الثمن دماء وثروات، يطمع فيها الابعدون والاقربون، والكل ممن يديرون الوضع الميداني مباشرة يلقي الاتهامات على الطرف الاخر، الذي هو كما اثبتت الوقائع مجرد صدى للخارج، وفي الشكل الميداني يبدو ان الصراع انعكاس للصراع بين فسطاطي الاخوان المسلمين والوهابيين، بحيث ان قطر وتركيا تدعمان المجلس الرئاسي بقيادة فايز السراج،  والسعودية والامارات تلتزمان دعم المشير خليفة حفتر، ومعهما مصر، لكن واقع الحال بعد تلكؤ الامم المتحدة في الانتقال بمبادرتها للتسوية الى حيز التنفيذ، واداء موفدها غسان سلامة، يثبت ان الصراع اكبر بكثير مما هو في المشهد، لأن الصراع الدولي هو على الثروات الليبية سواء فيما بين الاوروبيين، أو بين الاوروبيين فرادى مع الولايات المتحدة على قسمة الثروات التي هي المحرك الاساس للنيران المستعرة.

ان الانقسام الاقليمي والدولي حيال الوضع الليبي سيظل العامل الاساس في افلات الحروب الداخلية الليبية كخيار وحيد لتقاسم النفوذ والثروة، ولقد جاء تمديد قرار الامم المتحدة منع امداد ليبيا بالسلاح رسميا لكافة الاطراف، اشبه بذر الرماد في العيون، سيما وان الجميع يعلم بان امدادات السلاح للقوى المتحاربة وبينها الفصائل الارهابية التي اعيد فتح الابواب لها  لم تتوقف، بما يزيد من مخاطر تمدد الحرب الاهلية التي ستزيد تداعياتها على التماسك الاجتماعي وبناه المناطقية والقبلية والعشائرية، وايضا الحضرية.

ان الاهم المحوري في هذا الصراع هو عدم قدرة الغرب، والاذيال المتصارعة على اتهام ايران التي اعتمدت شماعة في مناطق اخرى ملتهبة بانها السبب في الصراع.

ان البحث عن ذريعة لاتهام ايران لن يجدي في ساحات ايضا مثل السودان، سيما وان ايران يهمها استقرار شمال افريقيا كما يهمها استقرار القارة السوداء بكاملها، والواضح ان الوضع في السودان ليس اقل خطورة مما يجري ليبيا الجارة، رغم كل المحاولات لاحتواء الوضع، وكما يبدو فان المجلس العسكري لم يعد بامكانه السيطرة بشكل حاسم على الوضع رغم تقديمه اكباشا من رحمه ورحم نظام عمر البشير على مذبح تجديد النظام في اطار استيعابي لقوى معارضة وتجاهل قوى اخرى لها تأثير مفصلي في المجتمع كالنقابات المهنية، والاسوأ ان قوى المعارضة التي تصدرت المشهد ان كان في الشارع، او المفاوضات مع المجلس العسكري، تلعب لعبة المجلس ايضا في محاولة الاحتواء، في العملية المطروحة لتقاسم السلطة من خلال ارجحية 8ممثلين لها في الحكومة الانتقالية مقابل 7 للمجلس الذي طرح العكس اي 8 له و7 للمعارضة، وهذه الاخيرة تتهم السعودية والامارات ومصر بالوقوف وراء تشدد المجلس العسكري، لذلك رفعت السقف بعد اعلان موقف مائع من الوساطة الاثيوبية (قبول مبدئي) لتعلن استمرار العصيان حتى اسقاط المجلس، ما يعني قطع الطريق على اي وساطة جديدة، بينما اتهم المجلس العسكري الذي تستثمر عليه السعودية والامارات بشكل كبير المعارضة بانه اداة بيد قوى خارجية لم يسمها، رغم ان تجربة عمر البشير ماثلة في تقديم التنازلات، والوثوق بالسعودية بانها لن تتخلى عنه، وهو الذي ارسل اليها الالاف من الجنود الذين دفعتهم الى محرقة اليمن.

اكثر ما يتوجس منه المجلس العسكري وصول النقابات الى ادارات  الحكم، ولذلك يعمد الى اطالة امد المفاوضات مراهنا على اخراجها من الحياة السياسية والاجتماعية لاحقا، بينما يراهن المعارضون المدعومون من الغرب على كنس العسكر تحت مسمى  بناء نظام برلماني، ولذلك لم يعمدوا رغم الانقسامات في معسكر المعارضة الى ملاقاة المجلس العسكري في منتصف الطريق بتحريض غربي، والهدف ضرب بنية الجيش .

في الجزائر الامور ليس اقل خطورة، ولكنها تستحق معالجة خاصة، لخصوصية تاريخية وآنية، و لذكرها الطيب في ضمير الامة. 

 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل