تحديات تواجه "صفقة القرن" ـ رامز مصطفى

الأربعاء 05 حزيران , 2019 12:31 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

صحيح أن الإدارة الأمريكية تمتلك من عوامل الضغط ما لم تمتلكه دولة أخرى ، بحكم سطوتها وهيمنتها وقدراتها وإمكانياتها المتعددة . ولكن الصحيح أيضاً أن " صفقة القرن " تواجه من التحديات ما يجعلها تتعثر ولن تجد طريقها للتطبيق . وإلاّ ما معنى أن يتم تأجيل الإعلان عنها مرات عديدة ، وحتى هناك تشكك في أن يتم الإعلان عنها خلال شهر حزيران القادم . وهذه التحديات تتلخص بالآتي:

ـ قضايا ما سمي بالحل النهائي حول  الحدود واللاجئين والقدس والمياه والسلاح ، ستكون معضلة جدية في وجه تطبيق الصفقة ، ولن تتمكن الإدارة من إيجاد حلول لها على الرغم من قيام الكيان بمحاولات عملية وحثيثة لفرض الحلول لها بالأمر الواقع. 

ـ ملفات تتعلق بالغاز والنفط وتعارض مصالح الدول الإقليمية والدولية حولها، والتي كانت ولا زالت الحرائق والحروب تنتقل من مكان إلى أخر بسببها . لذلك نشاهد أن الكثير من هذه الدول يعلن علناً عدم موافقته على " صفقة القرن "، ومن السياسات الأمريكية في المنطقة بل والعالم، وبعضها الأخر غير راضي عن الصفقة وإن لم يجاهروا بذلك.  

ـ من يقفون خلف الصفقة ويعملون عليها يعانون من أزمات ومآزق حادة داخل بلدانهم وخارجها . فالرئيس الأمريكي ترامب صاحب الصفقة ، وما يواجه من حملة تشكك في أهليته قيادة وإدارة البيت الأبيض، وما يُحضر له من إجراءات لعزله أو لمنعه من الفوز مرة جديدة في الانتخابات القادمة العام 2020 ، وبالتالي اتهامه وإدارته أن يقودون الولايات المتحدة إلى حافة الهاوية في علاقاتهم مع دول العالم، وتحديداً الصين وروسيا وإيران وفنزويلا . ونتنياهو ، وعلى الرغم من فوزه بانتخابات الكنيست الأخيرة، إلاّ أنه فشل في تشكيل ائتلاف حكومي ، الأمر الذي قاد إلى اعادة الانتخابات في أيلول القادم . ناهينا عن ملف الفساد الذي يتراكم بوجه ككرة الثلج ، وقد يقوده إلى المحاكمة ومن ثم السجن. أما من يصطف من عربان النظم الرجعية فليست حالها بأفضل وتحديداً السعودية التي غرقت في الوحول اليمنية . وهي التي كانت تعول عليها الإدارة الأمريكية ، وعلى ولي عهدها محمد بن سلمان الغارق في فضيحة مقتل جمال الخاشقجي ، الأمر الذي أدى إلى هز صورته لدى الكثير من الدول في العالم وخاصة الحليفة والصديقة للسعودية. 

ـ الموقف الأردني الذي لا يزال رافض لتلك الصفقة ، رغم ما يُمارس عليه من ضغوط وإغراءات . لأنه المتضرر المباشر إلى جانب الشعب الفلسطيني من تلك الصفقة ، التي قد تقود إلى اندثار المملكة والعائلة الحاكمة هناك. 

ـ بعد ثماني سنوات من حرب ظالمة وممنهجة ضد سوريا ومحور المقاومة، هذا المحور آخذ بإثبات نفسه كقوة تقلق " إسرائيل " بشكل جدي ، وليس بعيد عن الكيان ، أيضاً محور المقاومة يقلق المطبعين معه من نظم رجعية ، وما تشهده الخلافات الخليجية الخليجية ، ومن ثم الغرق السعودي الإماراتي في اليمن . وتنامي قدرات هذا المحور في فلسطين ولبنان وسوريا وإيران واليمن ، سيشكل العقدة التي تبحث عن حلها الإدارة الأمريكية ، وما التصعيد الذي نشهده ضد إيران في هذه المرحلة أساسه العمل على تخويفها والتهويل عليها من أجل ضمان شراء صمتها وحياديتها إزاء صفقة القرن ، وهذا من المؤكد لن يجدي نفعاً مع إيران وقيادتها. 

ـ ما تشهده المنطقة من تحولات ، ساهمت في تصدع المنظومات الأمنية لدى العديد من الدول ، نتيجة ضعف دولها ، مما مكنّ في انتشار التنظيمات الإرهابية وخصوصاً التكفيرية منها ، بمساعدة مباشرة من الإدارة الأمريكية وحلفائها وأدواتها . وهذا البعبع اليوم تحول إلى عبء ثقيل على تلك الدول الراعية لها . مضافاً لذلك ما تشهده المنطقة أيضاً من استقطابات وتحالفات تزيد من حدة التوترات خصوصاً مع إيران من جهة ، وتركيا من جهة أخرى وإن اختلفت الأسباب التي تقف خلف العداء لهما . الأمر الذي لن يساعد على تمرير صفقة القرن على عكس ما يعتقده أصحاب الصفقة والعاملين عليها.   

ـ الموقف الفلسطيني الرافض لتلك الصفقة جملة وتفصيلاً ، والتي شكلت نقطة إجماع فلسطيني بين كل مكوناته ، على الرغم مما تعانيه الساحة الفلسطينية من انقسام نتمنى الشفاء منه . هذا الموقف يمثل تحدياً جدياً في مواجهة الصفقة ، والمواكب بموقف شعبي يعبر عن نفسه في مسيرات العودة ونضالات شعبنا ونشطاءه في الضفة الغربية والقدس ، والعمليات البطولية التي تشهدها العديد من مناطق الضفة.

 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل