القمم السليمانية بنكهة أميركية .. رشاوى وضغوطات لمواجهة يوم القدس العالمي ـ أحمد شحادة

الجمعة 31 أيار , 2019 01:48 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

ليس عبثاً أن يسارع الملك السعودي إلى الدعوة لثلاث قمم في مكة المكرمة قبل ساعات من انطلاق يوم القدس العالمي، والذي استبق سعودياً أيضاً بمحاولات رشوة للدول الإسلامية، من خلال الدعوة إلى مقاطعة هذا اليوم، والوعود بأن الدول التي لن تشارك في أحياء يوم "أولى القبلتين وثالث الحرمين"، ستقوم الرياض بزيادة أعداد حجيجها إلى "أم القرى" في موسم الحج بعد شهرين ونيف، وخصوصاً أن هذا الحديث تلازم مع حدث فلسطيني كبير حصل في غزة، من خلال "المؤتمر الدولي لدعم الانتفاضة الفلسطينية"، حيث أكد قادة فصائل المقاومة الفلسطينية على ضرورة المشاركة والحشد في يوم القدس العالمي كتعبير هذه السنة عن رفض "صفقة القرن" وتفرعاتها والتاكيد على أن المقاومة صارت أقوى وذراعها باتت قادرة على أن تطال العمق الصهيوني وفي أكثر المواقع الحساسة في كيان العدو.

إذا، ثلاث قمم قادتها مملكة آل سعود في "مكة المكرمة" وهي:

قمة مجلس التعاون الخليجي، قمة عربية استثنائية، وقمة إسلامية، كان هدفها كلها إبراز الدعم والتأييد للكيان السعودي، ومعاداة إيران، وسورية، وحركة انصار الله في اليمن، وحزب الله في لبنان.

وبصرف النظر عن التمثيل الهزيل في هذه القمم، التي غاب عنها كثير من قادة الدول التي مثلت بقيادات من الصفين الثاني والثالث او على مستوى السفراء، وبالتالي، فإن هذه المؤتمرات ارادت منها الرياض بالتنسيق مع واشنطن وفي استغلال رخيص لرمزية المكان ان ترقى إلى مستوى إنشاء تحالف عسكري ضد طهران، وهو الذي بات يعرف إعلاميا بـ"الناتو العربي".

  ببساطة، فإن "يوم القدس العالمي" يأتي هذا العام "مع اشتداد التآمر الأميركي ـ الصهيوني وسقوط كل الأقنعة عن العداء الأميركي المستحكم للأمة العربية، وخصوصا بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الإعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لكيان الإحتلال (الاسرائيلي) الغاصب، وقراره الاعتراف بضم الجولان إلى هذا الكيان" على حد تعبير مصدر رسمي في وزارة الخارجية السورية.  

  وفي قمم السعودية الثلاث تتكامل اهداف الرجعية العربية وباعة الكاز العربي، مع التآمر الاميركي ـ الصهيوني ـ الرجعي ـ التكفيري على الدولة الوطنية السورية والمستمر منذ ثماني سنوات ونيف، وتوفير كل اشكال الدعم لاستمرار الانقسام في العراق، والتلويح باستهداف وحدة الجزائر، التي كانت وما زالت  إحدى الدول المستهدفة من اكذوبة "الربيع العربي"، وقد اشرنا إلى ذلك في "الثبات "اكثر من مرة، علما ان اغراءات أيضا تقدم الى المجلس العسكري الذي استولى على السلطة في السودان للاستمرار في مواجهة قوى التغيير والديموقراطية، من اجل ان يبقى مشاة الجيش السوداني كدرع في حرب دولة الكاز الكبرى على اليمن.

في ظل هذا التخبط السعودي الخطير، لم تعر الرياض اي اهتمام للمبادرة الايرانية باستعداد طهران لتوقيع معاهدة عدم اعتداء مع دول الخليج وفي مقدمهم السعودية، لا بل ان السعودية صعدت من خلال مؤتمرات مكة من وتيرة العداء ضد الجمهورية الاسلامية.

ماذا بعد؟

ربما، تريد السلطة السليمانية في السعودية أن تبرر للغرب ذلك السلوك الامبريالي ضد منطقتنا، حيث تؤكد الوقائع التاريخية، أن لا منطقة في العالم عبثت بها الايدي الخارجية أكثر من منطقتنا العربية، التي زرع فيها الكيان العنصري الصهيوني، بعد أن ذاقت أوروبا الأمرين من العنصرية اليهودية الصهيونية، لأنها على حد تعبير ديبلوماسي انكليزي مخضرم: "كثيرون في اوروبا كانوا يتمنون الخلاص من اليهود وترحيلهم إلى ما يتعبرونها أرض الميعاد"، وطوال فترة الألام الناتجة عن هذا الاستعمار الغربي، كانت المشكلة كما يرى هذا الديبلوماسي "تتمثل في عجز العرب عن صناعة الحرب أو صناعة السلام" وهو ما عبر عنه يوماً لورنس العرب، مطمئناً معلميه الغربيين، بأنه "لا يرى أي نقطة ضوء في الأفق العربي".

وألآن في ظل الرئيس الأميركي الهستيري دونالد ترامب، الذي يتعامل مع العالم وتحديداً مع باعة الكاز العربي بعقلية صاحب البارات الذي يريد مزيداً من الزبائن لغانياته، فيستعمل مع زبائنه ديبلوماسية الثيران في أداء هستيري يجعل كبار الزبائن جاهزين لدفع أغلى الاثمان من أجل استمرار باراته في العمل.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل