مؤامرة البحرين كالطلقة ما قبل الاخيرة ـ يونس عودة

الثلاثاء 28 أيار , 2019 11:27 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

ينعقد في البحرين في الخامس والعشرين والسادس والعشرين من حزيران مؤتمر دعت اليه الولايات المتحدة تحت عنوان اغرائي بزعم "تنمية المناطق الفلسطينية"، او بالاحرى محاولة رشوة للقوى الفلسطينية مقابل التنازل عن كل الحقوق السياسية والوطنية التي تكلفت ملايين الشهداء والجرحى من فلسطينيين وعرب على مدى71 عاما في مواجهة الكيان الصهيوني، "وراعية بقائه "- الولايات المتحدة الاميركية.

ان اختيار البحرين اميركيا، مكان لعقد المؤتمر التأمري، وبحماس سعودي - اماراتي مشترك، ارادت منه واشنطن بعث رسائل بروح عسكرية، خصوصا ان هذه الدولة المجهرية بالقياس السياسي والواقعي ليست إلا منصة يتموضع فيها الاسطول الاميركي، ومنها حيث قيادة الاساطيل الاميركية في الخليج تصدر التعليمات للممالك والمشيخات، التي تنحني لتنفيذ التعليمات بلا تردد، بل بحب لا يجارى, والا لن يستمر الحكام على عروشهم اكثر من اسبوع مع دفع تكاليف الحماية وفق ما تقرره الادارة الاميركية.

ليس المؤتمر على المستوى الاقليمي سوى تظهير للوجه السعودي البشع عبر حكام البحرين المتلهفين دوما لاسترضاء السعودية مقابل حفنات من الدولارات، والقبول بلعب دور مكمن الاسرار لتنفيذ سياسات هي دوما المؤشر الأول لما يريده حكام السعودية، بمعنى "خذوا اسرارهم من صغارهم". وهنا يأتي العامل الاهم المتمثل بدعوة الملك السعودي لعقد 3 قمم طارئة مطلوبة اميركيا، سواء نفت السعودية ام لم تنف ذلك، وفي مكة المكرمة، لاكساب القمم قدسية المدينة من ضمن العملية الكبرى في التضليل والتمويه والتكاذب الخطير من ضمن المؤامرة المستمرة في تشويه الاسلام التي يقودها العقل الوهابي الاجرامي.

ليست القمم الثلاث التي أمرت الولايات المتحدة بعقدها عشية مؤتمر البحرين وعلى عجل تحت عنوان "مواجهة ايران والتحريض على الجمهورية" التي فضحت اكاذيب العرب بدعمها للشعب الفلسطيني المظلوم لمواجهة المحتل والعمل على تحرير ارضه، الا جزءأ من صفقة القرن الملعونة، ونيل الغطاء الشامل لتمرير أسوأ مخطط ضد الامة العربية، يكون الشعب الفلسطيني منها اكبر الخاسرين.

ان الدور السعودي ومعه الاماراتي، مركزي في التأمر على القضية الفلسطينية، وليس ادل على ذلك حديثا، الاالمجاهرة على لسان محمد بن سلمان بتأييد "صفقة القرن" قبل معرفة محتواها، وباعتبار القضية الفلسطينية لم تعد اولوية،ما دفع الملك سلمان في حركة بهلوانية لسحب الملف من نجله اعلاميا، على امل احتواء الموقف بعدما لمس العقل الاسود في المملكة ان الغضب يمكن ان يكبر، والافضلية لتطبيع الناس تدريجيا برفع مستوى العداء لايران، واستكمال مشروع استبدال العداء لاسرائيل بالعداء لايران،على ان تكون مكة المكرمة حيث رفعت جملة ترحيبية باللغة العبرية، الشاهد على قتل القضية الفلسطينية.

ان تسويق المؤامرة في مؤتمر البحرين المحكوم بالفشل، لن تجديه القمم نفعا، ما دام الاجماع الفلسطيني المتجلي في وحدة الموقف على رفض الخطوة، وهو كان مفتقداً منذ زمن طويل سيما في النظرة الى كيفية التعاطي مع المحتل، ولا سيما بعد اتفاق اوسلو الذي غرز سكينا في صدر القضية الفلسطينية، وانعكس تجربة اكثر مرارة في لقاء واي بلانتيشن، وما تلاه من تنسيق امني مع الاحتلال.

ان الوعي الفلسطيني المنتفض ولا سيما من السلطة، يؤمل الا يكون موسميا، بل قناعة فرضتها التجارب المريرة الناجمة عن العقل التسووي لعقد سلام مع المحتل، واذا تجلت الوحدة الفلسطينية في ميدان المواجهة سيكون مؤتمر البحرين جنينا يولد ميتا، واللافت ما ورد في تقرير اعدته المخابرات والجيش الاسرائيليين من جزم بان السلطة الفلسطينية ليست في وارد الموافقة على المشاركة في مؤتمر البحرين رغم الوضع الاقتصادي الايل الى الانهيار في غضون شهرين.

لقد رفض الفلسطينيون جميعا ومن بينهم رجال اعمال من اصل فلسطيني المشاركة في مؤتمر البحرين - رغم ان مقولة رأس المال لا وطن لها، او بالاحرى لا تؤمن سوى بتحقيق الارباح - وهذا مؤشر هام جدا على رفض الاغراءات القاتلة.

لا شك فإن عملية الاغواء بالتنمية للفلسطينيين في ظل الوضع العربي المترنح بعفنه, ليس اهم من عملية اغواء مصر السادات عند توقيع اتفاقية كمب ديفيد بان السلام سيأتي بالرخاءالاقتصادي للشعب المصري وينتج وقف المؤامرات الاسرائيلية على مصر، لكن الحقيقة الساطعة هي أن الشعب المصري يزداد عسره الاقتصادي رغم مرور 40 عاما على التوقيع على السلام الموعود، كوعد ابليس في الجنة، ولا يزال الشعب المصري يعاند التطبيع، والتأمر الاسرائيلي على مصر لم يتوقف، والادلة لا تحصى.

ان مؤتمر البحرين برأي معديه سيكون الطلقة ما قبل الاخيرة لاعلان صفقة القرن بصفحتها السياسية التي يمكن ان تحرق كاملة بالمقاومة، والفلسطينيون لها.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل