تصدع "ماغا"... لحظة الحقيقة للتيار الترامبي ــ ليلى نقولا

الإثنين 22 كانون الأول , 2025 08:57 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
لم يعد الحديث عن الانقسام داخل الحزب الجمهوري مجرد تكهنات صحفية؛ فمع اقتراب نهاية العام الأول من ولاية الرئيس دونالد ترامب الثانية، تواجه حركة "اجعل أميركا عظيمة مرة أخرى" (MAGA) أعمق أزماتها الوجودية. 

كشفت الأحداث المتسارعة في الأسبوعين الماضيين، من احتفالية "حانوكا" في البيت الأبيض إلى الصدام العلني الخطابي المفتوح في مؤتمر فينيكس، عن الشرخ الذي حاولت الحركة إخفاءه خلال هذا العام، بسبب التناقض الجوهري بين شعار "أميركا أولاً"، وبين الالتزام الأيديولوجي والمالي المطلق تجاه إسرائيل.

 منذ عام 2016، بني تيار "ماغا" على أساس رفض "الحروب الأبدية". لكن، ومع كشف إدارة ترامب عن حزم مساعدات ضخمة لإسرائيل (تجاوزت 29 مليار دولار) وتورط الإدارة الأميركية في العمليات الهجومية ضد إيران، استيقظ الجناح القومي داخل الحركة، لرفض ما يسميه الابتعاد عن المبادئ التي تشير الى أولوية صرف الأموال داخل الولايات المتحدة، وعدم التورط بالحروب.

 يرى منظرو "اليمين الجديد" أن الدعم المادي والعسكري لإسرائيل ليس مجرد سياسة خارجية، بل هو "تحويل للثروة" من الطبقة العاملة الأميركية إلى مجمع صناعي عسكري ومصالح خارجية لدولة تستغل الولايات المتحدة، وهو ما يتناقض مع وعود ترامب الانتخابية سواء في عام 2016، وعام 2024. بهذا المعنى أتت استقالة النائبة مارجوري تايلور غرين من الكونغرس كإعلان براءة وابتعاد عن ترامب بسبب "خيانة المبادئ.

وتتابعاً، يبرز الصدام بين تيار المحافظين الجدد واليمين الديني التقليدي، وتيار اليمين القومي على تعريف "الوطنية الأميركية"، ويبدو الأقوى جناحان:

- الأول: جناح يرى أن دعم إسرائيل يجب أن يبقى راسخاً كركيزة دينية واستراتيجية لا تنفصل عن الأمن القومي الأميركي، ويعتبر التشكيك فيها نوعاً من "معاداة السامية" أو التواطؤ مع أعداء الغرب (من هؤلاء وزير الخارجية ماركو روبيو، والصهيوني بن شابيرو وغيرهم).

- الثاني جناح "الواقعية القومية"، حيث تقاس التحالفات بميزان الربح والخسارة الأميركي الصرف ويجب القيام بما يناسب المجتمعات الأميركية التي يبقى لها الأولوية على أي تحالف استراتيجي. بالنسبة لهم، أصبحت إسرائيل "عبئاً استراتيجياً" يجر واشنطن لصراعات لا ناقة لها فيها ولا جمل (يمثل هذا التيار نائب الرئيس جي دي فانس، الإعلامي تاكر كارلسون، ستيف بانون وغيرهم).

ويضيف اغتيال تشارلي كيرك مؤسس Turning Point USAبعداً تراجيدياً للصراع، فقد تحوّل إرثه إلى ساحة معركة لتحديد وجهة الحزب المستقبلية، ومن سيكون الرئيس المستقبلي عام 2028، وهنا ايضاً يبرز سيناريوهان انطلاقاً من الانقسام أعلاه:

- ترشيح نائب الرئيس الحالي جيه دي فانس كمرشح رئاسي، وسيكون مدعوماً من "الحرس القديم لماغا" (كارلسون وبانون وألكس جونز) ويشكّل امتداداً للترامبية "النقية". هذا السيناريو يمثل "الكابوس" للمؤسسة التقليدية والمحافظين الجدد وللحكومة الإسرائيلية اليمينية.
- ترشيح وزير الخارجية ماركو روبيو، وهذا يعني محاولة تدجين حركة ماغا وتحويلها لخط المحافظين الجدد، حيث تظل السياسة الخارجية تدخلية ونشطة ومؤيدة لإسرائيل بلا قيد ولا شرط.

هذا على المدى الطويل نسبياً، أما على المدى القصير أي خلال استحقاق عام 2026 (الانتخابات النصفية الأميركية) فالخطر الأكبر الذي يواجه ترامب ليس الديمقراطيين، بل تآكل قاعدته الصلبة. وعليه، إذا قرر تيار "أميركا أولاً" القومي البقاء في المنزل خلال انتخابات التجديد النصفي في نوفمبر 2026 احتجاجاً على "السياسات الإسرائيلية" وعلى الحروب الخارجية، فإن ترامب سيخسر الكونغرس وسيكون حكمه خلال السنتين الأخيرتين مقيداً بشكل كبير.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل