أقلام الثبات
تشن الولايات المتحدة و"إسرائيل"، عبر المؤسسات الدولية، والماسونية، والصهيونية، ومنظومة "إبراهام" الجديدة (السياسية والدينية)، حربًا على الخصوم والأعداء بهدف تفتيت المجتمعات، وهدم الكيانات، وتقسيم الدول، ويتم ذلك إما بالقوة العسكرية المباشرة، كغزو غزة والحرب على لبنان، أو من خلال إثارة الفتن الداخلية المتنوعة في المسميّات والأهداف لإسقاط الأنظمة وسرقة الثروات، فتارة تكون حروبًا دينية أو مذهبية أو قومية أو مناطقية، كما حدث في السودان وليبيا والعراق وسوريا، وسابقًا في الحرب الأهلية اللبنانية.
بالتوازي مع هذه الحروب العسكرية والأمنية والاقتصادية، تتعرّض المجتمعات المعادية للمشروع الأمريكي - "الإسرائيلي"، لحرب ناعمة ثقافيًة ودينية واجتماعية، وقد حققت هذه الحرب انتصارات كبيرة في هذا المحور، عبر زرع التشكيك بالعقيدة الدينية وتشجيع الأجيال على التمرد على تقاليدها ولباسها وأنماط عيشها، وصولًا إلى تغيير المفاهيم المتعلقة بالمقاومة والاستعمار والاستسلام بما يخدم المشروع الأمريكي العالمي، ويظهر ذلك فيما يلي:
- تهجين الإسلام بما يُعرف بـ"الإسلام الأمريكي"، وذلك عبر تأسيس حركات وأحزاب تتبع السياسية الأمريكية أو البريطانية، أو عن طريق تحريف الإسلام بصناعة مذاهب تكفيرية متناقضة.
- بثّ التشكيك بعقيدة الشيعة المتعلقة بالإمام المهدي (عجّل الله فرجه الشريف) وفكرة الانتظار، باعتبارها الركيزة التي يعتمد عليها الشيعة لتحقيق أهدافهم، إلى جانب الركيزة الأخرى؛ عاشوراء، التي تقاوم الاختراق ومحاولات تحويلها إلى مجرد طقوس فارغة.
- إقرار اتفاقيات "سيداو" وما يماثلها، لتشريع الشذوذ وهدم مؤسسة الأسرة وقوانين الإرث الديني الأحوال الشخصية، مثل إمكانية "انتساب" الولد للأم دون أب، بهدف هدم الأسرة والمجتمع والدين، وصناعة مجتمع هجين يعتنق الإباحية.
- تسخيف مفهوم الحجاب، واعتباره ليس واجبًا دينيًا، أو إفراغه من محتواه ليتحول إلى مجرد قطعة قماش للزينة، دون أن ينعكس ذلك على سلوك الفتاة أو أخلاقياتها، وصناعة "محجّبة" "متأنقة" بالمكياج وأدوات الزينة واللباس غير الشرعي، وتقليد "مصممي الأزياء" بدلًا من تقليد الفقهاء.
- تعميم ثقافة "عدم الحياء" بين الرجال والنساء عبر وسائل التواصل الاجتماعي، سعيًا وراء المال أو الشهرة، خصوصاً بين بعض المحجبات اللواتي أصبحن من نجوم وسائل التواصل الاجتماعي.
- استدراج بعض رجال الدين والمثقفين لتفسير "الإسلام" بطريقة تنسجم مع الأفكار المعاصرة، مما يجافي جوهر الدين ويؤدي إلى تبني نسخة منه تصلح للإعلام والمجاملات والنفاق الاجتماعي والسياسي والعقائدي، بما يتعارض مع الإسلام الحقيقي.
- تغيير بعض المفاهيم، فمفهوم المقاومة يُصوّر كإرهاب ومغامرة، ومفهوم الاستسلام يُقدَّم كسلام ورفاهية اقتصادية وعقلانية ويتم استبدال الأشقاء بالأعداء لتبرير الذل والاستسلام، مع الإصرار والمكابرة على نفي الهزيمة.
- استبدال الأصنام القديمة (كالأحجار والحيوانات أو الشمس وبعض الظواهر الطبيعية والإنسانية) بأصنام جديدة، مثل أمريكا و"إسرائيل"، أو الزعيم والقائد، أو التنظيم الحزبي، أو رجل الدين، ويُخدع الناس بالقول إنه لا يمكن عبادة الله سبحانه إلا من خلال "صنمهم" الجديد، فيتحولون إلى عبيد لأصنامهم المعاصرة بدلاً من أن يكونوا عبيدًا لله.
- صرف "أغلب" الأموال الشرعية والحزبية والمؤسسات الخيرية لتمجيد التنظيم أو الزعيم أو القائد ومؤسساته الإعلامية وبرامجه السياسية، مع تغييب البرامج الدينية، أو الاكتفاء بتقديمها بشكل خجول، ويتم ذلك بدلًا من صرف هذه الأموال على حاجات الناس ووجهتها الشرعية والأخلاقية،
-تذكير الناس بأخلاق الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلّم، والأئمة (عليهم السلام) بالقول على المنابر، ومخالفتها "بالفعل" في الشارع والمعيشة ،بحجة "الأولويات" والشأنية!
إننا نتعرض لعملية نزع سلاح العقيدة والأخلاق والقيم الإنسانية، قبل أن يتم نزع سلاح البنادق والصواريخ، ونحن لا نواجه الحرب الثقافية والعقائدية التي نتعرض لها بالمستوى المطلوب، بل في كثير من الأحيان نكون جنودًا لها على أنفسنا دون وعي أو قصد، مدفوعين بالتنافس نحو الدنيا، فإذا كان تغيير نص ديني أو مفهوم ديني يخدم مصلحة الفرد أو الجماعة، نبادر إليه فورًا!
ندعو إلى إطلاق "العقل" وتنظيم جبهة المقاومة الثقافية والعقائدية، لأنه إذا انهزمنا في هذه الحرب، سَيسقط السلاح دون مقاومة، ولن تكون هناك حاجة لنزعه، بل قد يُسلَّم لنا السلاح، لقتل إخواننا وأبناء وطننا وأبناء ديننا أو الأديان الأخرى، كما تفعل الجماعات التكفيرية الآن، لأن عقولها قد استُعمرت بالحرب الثقافية والدينية.
فلنُبادر لإعادة "إعمار وترميم" العقيدة والسلوك والقيم الأخلاقية والإنسانية، لحفظ السلاح الذي سينحرف إذا انحرفت العقيدة، دون ان ننسى أن الهدف الأساس ليس حفظ السلاح، بل حفظ العقيدة {وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ}.
الحرب الأمريكية - "الإسرائيلية" على العقيدة والثقافة والتقاليد ــ د. نسيب حطيط
الإثنين 22 كانون الأول , 2025 08:53 توقيت بيروت
أقلام الثبات
تصدع "ماغا"... لحظة الحقيقة للتيار الترامبي ــ ليلى نقولا
وحوش الخارج.. وضباع الداخل _ عدنان الساحلي
لدى "سلطة دمشق" أولوية واحدة: استرداد الإرهابيين والمجرمين من لبنان _ حسان الحسن