أقلام الثبات
بعد عام من الانتصار الاستراتيجي "المؤقت" للتحالف الأمريكي - "الإسرائيلي"، ونجاحه في إسقاط نظام الرئيس الأسد وإخراج إيران وقوى المقاومة من سوريا، وتفكيك محور المقاومة جغرافيًا وسياسيًا وعسكريًا، وتقطيع أوصاله وطرق إمداده، عبر احتلال سوريا التي كانت بمنزلة المخزن المركزي وموزع الدعم لمحور المقاومة، وتحقيق رغبة "إسرائيل" وبعض العرب بمحاصرة المقاومة اللبنانية، تمهيدًا للقضاء عليها ونزع آخر سلاح مقاوم في الأمة، وُلدت عملية "بيت جن" ضد الجيش "الإسرائيلي" كأول رد فعل مقاوم مسلح من سوريا، بعد استباحة "إسرائيل" واحتلالها للجنوب السوري، فيما كانت عملية "تدمر" أول عملية ضد الجيش الأمريكي، بعد تسليم أمريكا الحكم في سوريا للجماعات التكفيرية، فكانت هاتان العمليتان بمنزلة نجمتين مضيئتين في "ليل" سوريا، وبداية لانتهاء حالة حرية الحركة والاستقرار الأمني للجيشين "الإسرائيلي" والأمريكي، كما أنهما تمثلان بداية نهوض لبعض أفراد الأمة، حتى وإن اختلفت المنطلقات والعقائد، إذ إنهم يتقاطعون حول وحدة الهدف المتمثل في مقاومة التحالف الأمريكي - "الإسرائيلي".
إن هذا التطور سيُلزم أمريكا بإعادة حساباتها وتحالفاتها، ويفرض عليها تبديل رهاناتها بأن "رش العطر" على رقبة الجولاني الذي كان مطلوبًا لها بصفة إرهابي، لن يمنع "رش" الرصاص على جنودها الأمريكيين و"الإسرائيليين"، خصوصاً أن الكثيرين من المنتسبين للجماعات التكفيرية الذين تم تربيتهم وبرمجة عقولهم على حصر قتالهم ضد الأنظمة وبعض المذاهب وعدم قتال "إسرائيل"، ربما يستيقظون ويصبحون نقطة قوة لصالح المشروع المقاوم وخسارة للمشروع الأمريكي.
بعد عام من إسقاط النظام الداعم للمقاومة، وبعد عملية "بيت جن" للإسلاميين السوريين، وعملية "تدمر" للجماعات التكفيرية، فإننا ننتظر "عملية للوطنيين السوريين والفلسطينيين" لتأسيس "ثلاثية مقاومة" لبدء "حركة مقاومة وطنية سورية" لاستنزاف ومشاغلة الاحتلال الأمريكي و"الإسرائيلي"، كخطوة أولى لإنقاذ سوريا ومنع تقسيمها، ونقطة ضوء في نفق المشروع المقاوم لالتقاط الأنفاس ودعم المقاومة اللبنانية والفلسطينية.
إن صمود المقاومة اللبنانية حتى الآن، وقدرتها على الاحتفاظ بسلاحها، رغم الحشود العسكرية والسياسية والاقتصادية العالمية ضدها، مكّنها من كسب المزيد من الوقت وتأخير التقدم الأمريكي - "الإسرائيلي" - العربي ومنعه من استثمار أرباحه وتثبيت انتصاراته في غزة ولبنان وسوريا، وكَبح جماح وزحف المستسلمين والمطبعين لبدء مرحلة إجبار أمريكا للتراجع عن شروطها وإملاءاتها، ولهذا تسعى أمريكا و"إسرائيل" لاستعجال نزع سلاح المقاومة اللبنانية قبل فوات الأوان وفقدان المكاسب التي حققتها، وفق استراتيجية تعتمد على ما يلي:
مبادرة قوى المقاومة العربية والإسلامية والقومية والوطنية واغتنام فرصة ذهبية لتحويل سوريا إلى ساحة للجهاد والنضال والمقاومة والدفاع، بدلاً من أن تتحول إلى قاعدة أمريكية "إسرائيلية" تخدم مشروع “إسرائيل الكبرى” والشرق الأوسط الجديد وممر داوود، وتقسيم سوريا وإعدام المقاومة اللبنانية.
إعلان سوريا ساحة قتال مشتركة ضد المحتلين الأمريكيين و"الإسرائيليين"، واستخدامها كساحة بديلة للمواجهة، خصوصاً مع تعذّر القتال في الساحات الوطنية اللبنانية والفلسطينية "مؤقتًا"، وهذا التحوّل سيساعدها في تخفيف الحصار عنها وكبح جماح الخائفين والمستسلمين، وإظهار ضعف العدو وعدم حسمه للنصر، والتأكيد أن الحرب لم تنتهِ، ومنع المستسلمين من التعامل مع المقاومة كقوة مهزومة يفرضون شروطهم عليها، واستدراجهم لحرب استنزاف لا يستطيعان تحملها، بانتظار أن تستعيد المقاومة اللبنانية عافيتها وتتمكن المقاومة الفلسطينية من استيعاب الضربات التي تلقتها.
مبادرة قوى المقاومة لتنسيق "تقاطع المصالح" المشتركة بينها وبين الأطراف المتضررة والمُحبطة من المشروع الأمريكي، ويشمل ذلك تركيا التي أسقطت النظام في سوريا دون تحقيق مكاسب، وجماعات الإخوان المسلمين التي لم يشفع لها تاريخها في قتالها للأنظمة، فوضعتها أمريكا على قائمة الإرهاب، بالإضافة إلى الوطنيين والقوميين والسوريين الذين يعانون من القمع، وبعض الجماعات التكفيرية أو أفرادها الذين قاتلوا أمريكا في أفغانستان والعراق، واستقطاب هؤلاء كأفراد أو مجموعات للقتال ضد الاحتلال في سوريا. فالعمليات العسكرية ضد الجيش الأمريكي و"إسرائيل" تصب في صالح قوى المقاومة في لبنان، وتلغي مؤقتًا استغلال أمريكا للنظام السوري الجديد في قتال المقاومة.
لا تتعجّلوا في إعلان هزيمة المقاومة وانتصار "إسرائيل" وأمريكا، فالحرب لم تنتهِ بعد، وقد تبدأ مرحلتها الثانية لإجبار التحالف الأمريكي على التراجع عن شروطه، وتعويض بعض ما خسرناه في الحرب الأخيرة.
عمليتا "بيت جن" و"تدمر" بداية التراجع الأمريكي - "الإسرائيلي" _ د. نسيب حطيط
الأحد 14 كانون الأول , 2025 09:16 توقيت بيروت
أقلام الثبات
أميركا الشر المستطير !
هكذا تعاطى الحكم السوري السابق مع قضية مزارع شبعا... فهل يثبت "الحالي" لبنانيتها؟ وكيف سيكون الرد اللبناني؟ _ حسان الحسن
من المسؤول عن تهميش "المقاومة القانونية" ضد "إسرائيل" والعملاء؟ ــ د. نسيب حطيط