أقلام الثبات
تعاني المقاومة من إشكالية حصرها في الجانب العسكري فقط بمواجهة المشروع الأمريكي - "الإسرائيلي"، رغم أهمية هذا الجانب واعتباره رأس الحربة في التصدي والمواجهة للحفاظ على الحقوق وينبع هذا القصور من اعتقاد خاطئ بأن الهزيمة أو الخسارة العسكرية، أو عدم تكافؤ القوى، يجعلان أي مقاومة للمشروع المعادي أمرًا عبثيًا لا يجدي نفعًا للشعوب المقاوِمة، ونتيجة لذلك يتم إهمال جوانب المقاومة الأخرى المهمة، كالمقاومة الثقافية والإعلامية والقانونية والاقتصادية، فيستغل الأعداء هذا الإهمال على هذه المحاور، لتضييق الخناق والحصار على قوى المقاومة، فيُصدِرون قوانين مكافحة الإرهاب أو حجز الأموال وقوانين الحصار الاقتصادي لإرباك وشل حركة المقاومين "غير المسلحين"، وبهذا يربح الأعداء الحرب إعلاميًا ونفسيًا عبر ضربات موضعية دون الحاجة لخوض حروب كبرى، وقد أسّست أمريكا لهذه السياسة منذ غزو العراق، واستفادت منها عبر قنوات مثل الجزيرة وغيرها خلال "الربيع العربي"، لخداع وتضليل الناس وتقديم صور تخدم أجندات الحرب النفسية والإعلامية.
ارتكبت قوى المقاومة، ولا تزال، خطأ إهمال "المقاومة القانونية" خلال الأربعين عامًا الماضية، إما جهلاً بالنتائج أو يأسًا منها، بحجة أن المحاكم الدولية والمؤسسات الوطنية يترأسها خصوم للمقاومة وفي بعض الأحيان، يُنظَر إلى اللجوء إلى المحاكم على أنه ضعف، مما يدفعهم إلى الخجل من رفع الدعاوى وبالتالي خسارة حقوقهم، وذلك نابع ٌمن فهم مغلوط بأن المقاومة تنحصر في الرصاصة والصاروخ والعبوة فقط.
لم تتقدم قوى المقاومة أو أهالي الشهداء بأي دعوى قانونية أمام المحاكم والهيئات الدولية المختصة بخصوص المجازر التي ارتكبها العدو الإسرائيلي منذ مجازر حولا عام 1948، ومرورًا بمجازر الخيام والعباسية وقانا والنبطية والدوير والأوزاعي، وصولاً إلى مجازر حرب 2024 بتدمير القرى واتهامها بارتكاب جرائم حرب.
إن توثيق هذه المجازر ورفع الدعاوى ضد الكيان "الإسرائيلي" يحفظ الحق المادي والمعنوي للشهداء وأهاليهم وقد لا تؤتي هذه الدعاوى ثمارها الإيجابية الآن بسبب هيمنة أمريكا و"إسرائيل" على العالم، ولكن من قال إن هذه الهيمنة أبدية، فكل الفراعنة والحضارات قد زالت وانتهى حكمها، وستزول الهيمنة الأمريكية - "الإسرائيلية" عاجلاً أم آجلاً، فلكل أمة ودولة عمرٌ وأجل ستفنى بعده، وهذه هي سنة الحياة.
تعاني قوى المقاومة من "الخمول القانوني" والجهل والتقصير في وسائل تحصيل الحقوق وحمايتها، وتسعى لتهميش كافة أساليب المقاومة الأخرى، على الرغم من أن المقاومة تسير على خطين، خط المقاومة العسكرية، وخط المقاومة المدنية السلمية الشاملة، والتغيير يمكن أن يكون بالقوة، ويمكن أن يكون تغييرًا سلميًا مدنيًا، ولكي نستطيع إسقاط المشروع الأمريكي - "الإسرائيلي"، لا بد من اعتماد المقاومة العسكرية والمدنية بكافة جوانبها، وعدم إغفال "متاريس المحاكم والقانون" التي يمكن أن تشكل رادعًا على المستوى الداخلي، وتهديدًا وتقييدًا وإزعاجًا للعدو على مستوى العالم.
إذا كانت الدولة اللبنانية غير معنية بالدفاع عن نفسها وشعبها، ولن تبادر لتقديم أي شكوى ضد العدو، فما هو المبرّر الذي يمنع قوى المقاومة ،من إطلاق سراح المقاومة "القانونية" وإعادة إحياء "العقل المقاوم الجماعي" لتخفيف العبء عن المقاومين العسكريين؟
ونسأل... هل تم بناء ملف قانوني ضد العدو بشأن تدميره للآثار والأماكن المقدسة في الجنوب، مثل شمع ومحيبيب والقلاع؟
هل تم تحضير ملف تدمير القرى، وإحراق الأحراج، وتجريف المقابر؟
هل تم تحضير ملف المجازر الإسرائيلية ضد المدنيين؟
هل ستبادر قوى المقاومة للبدء بالتحضير لملف الدعوى لحفظ الحقوق المادية والمعنوية للشهداء وعوائلهم؟
هل تم تحضير الدعاوى ضد سرقة الجنود الإسرائيليين للبيوت والمؤسسات التجارية، لإظهار جيش العدو بأنه عصابات لا تلتزم بقوانين الحروب واتفاقيات جنيف والأمم المتحدة، وهي نسخة جديدة لعصابات (الهاغاناه، والإرغون، وشتيرن، وليحي) التي ارتكبت المجازر وتدمير البيوت وحرق القرى والتهجير عند اغتصاب فلسطين؟
إن المرحلة القادمة من الحرب على المجتمع المقاوم هي مرحلة اجتثاث المقاومة كفكر وثقافة، ونزع الشرعية القانونية والرسمية عنها، فهل بدأت قوى المقاومة بالتحضير للمواجهة؟
فلنُبادر لتشكيل "هيئة قانونية" لمقاومة التزوير والتضليل والفجور السياسي والإعلامي الداخلي، ولردع العملاء، ولحفظ الحقوق في المحاكم والهيئات الدولية، فالعميل يمكن مواجهته "بسلاح القانون" لمعاقبته بالسجن والغرامات وتجريده من حقوقه المدنية، فلا يجوز أن يبقى مواطنًا، مساويًا للشهيد!
يجب أن تبدأوا بإطلاق الدعاوى القانونية لحماية راجمات الصواريخ، وحقوق الناس، وتاريخ المقاومين والشهداء واستفيدوا مما تفعله أمريكا لحصار الدول والمنظمات والأفراد الذين يعارضوا مشاريعها، رغم امتلاكها للقوة العسكرية الأكبر في العالم.
لا تضيّعوا تضحيات المقاومين وأهاليهم، وبادروا لتنظيم "المقاومة القانونية" وتفعيل دور "المقاوم القانوني".
من المسؤول عن تهميش "المقاومة القانونية" ضد "إسرائيل" والعملاء؟ ــ د. نسيب حطيط
السبت 13 كانون الأول , 2025 08:50 توقيت بيروت
أقلام الثبات
هيئة تحرير الشام "حرَّرت" السوريين من الوطن والمهجر! _ أمين أبوراشد
رسالة إلى الدولة والأخوة "الثنائية": أنقذوا مواطنيكم وأهلكم المهجرين على أبواب الشتاء الثالث _ د. نسيب حطيط
القائد الشـ.هيد الشيخ نبيل قاووق… سيرة لا تُشوَّهها الشائعات