أقلام الثبات
يعيش أكثر من 100 ألف لبناني في الجنوب والضاحية والبقاع خارج بيوتهم المدمرة وأرزاقهم ومؤسساتهم وحقولهم الزراعية المحروقة، وقد خرجوا يحملون مفاتيح بيوتهم وذكرياتهم وتركوا كل شيء؛ كما خرج الفلسطينيون عام 1948.
لم تعترف الدولة اللبنانية حتى الآن بقضية المهجّرين لصرف التعويضات لهم، بينما اعترفت بمهجري الحرب الأهلية وأسّست وزارة المهجرين التي لا زالت منذ أكثر من 30 عامًا تدفع التعويضات التي لم تنتهِ، لكنها لم تُكلّف بملف مهجري حرب 2024، نتيجة تآمر الدولة وتقصير ممثلي المهجرين وقد كانوا يمسكون بالسلطة قبل حكومة "سلام" ولم يفعلوا شيئًا.
لم تصرف الدولة لمجلس الجنوب والهيئة العليا للإغاثة الأموال اللازمة لتأمين الإيواء والتعويض عن الأضرار، وكذلك قصّر ممثلو المهجرين وأهملوا حقوق أهلهم.
لم تبادر المنظمات الدولية لمساعدة المتضررين المهجرين، لأن أمريكا تمنع إعادة الإعمار وتطبق عليهم أنظمة لوائح الإرهاب حتى حاصرت تحويلات المغتربين البسيطة إلى أهاليهم.
إن عدم اعتراف الدولة بالمهجرين المُدمّرة بيوتهم وقراهم وإهمال وتقصير "الثنائية"، ومع تفهم الظروف الصعبة والحصار والضربات، لكن هذا لا يبرّر الإهمال والغياب الشبه التام أو المعالجات البسيطة وعدم الالتفات لما يعانيه هؤلاء الشرفاء معيشيًا واقتصادياً ونفسياً، حيث لا يكفي المديح لهم بأنهم أهل الشرف والكرامة، فالمعنويات ليست دواء وعلاجا ،للجوع والفقر والبطالة والتهجير.
إن امتناع الدولة عن الاعتراف بهم وعدم مساعدتهم نتيجة ضغوط داخلية وخارجية، جزء من الحملة على المقاومة واجتثاثها ،فإن استطاعت الدولة "نزع سلاح " الاحتضان والتأييد الشعبي للمقاومة، فإنها ستحقق انتصارًا كبيرًا ويسهل عليها "نزع السلاح" العسكري، فلماذا تساعدونها بقصد او غير قصد بنسيان الناس واهمالهم وعدم معالجة مشاكلهم وهم الصابرون المقاومون الذين تحمّلوا ويتحمّلون ما لا يطيقه أحد في هذا العالم ويكفي انهم لم يحاسبوكم على اخطائكم وعلى ما ترتكبون وعن تقصيركم في الدولة وعدم سعيكم لتحصيل حقوقهم وبدل إقامة المؤتمرات لدعم المظلومين خارج لبنان... بادروا لإظهار مظلومية أهلكم حتى لا تظلموهم أكثر.
لم تستطيعوا الضغط على طيران الشرق الاوسط لإعادة المهجرين من العراق، ولم تستطيعوا اعادة الطيران الايراني لتسهيل حركة الزوار.
لم تحاولوا منع المخافر من تهديم ما يبنيه المهجّرون في قراهم المدمّرة ليسكنوا فيه ولم تحاولوا التعويض عن مزارعي التبغ.
لم تحاولوا ادخال المهجرين في ملفات امان في الشؤون الاجتماعية ولا في وزارة المهجرين.
لم تحاولوا مساعدة الطلاب المهجرين في رسوم التسجيل في المدارس الرسمية والجامعة اللبنانية او في المؤسسات التربوية للثنائية... وإن تم إعفاؤهم فأعلنوا ذلك.
لماذا تهينون أهلكم وطائفتكم بالإصرار على ترشيحكم "للنواب الفاشلين أو الفاسدين والمقصرين" الذين يبدو أن تنظيماتكم لم تلد غيرهم طوال 30 عاماً، ويمكن ان ترد الناس عليكم بحجب أصواتها عنكم ، مع التأكيد أنها لن تعطي اصواتها لعميل او مؤيد للاحتلال او طاعنٍ للمقاومة، لأن أهلنا هم المقاومة وأمها وأبوها وليسوا جمهور او بيئة المقاومة كما تصفون.
أنتم تستفيدون من صمت أهلكم الشرفاء الصابرين المقاومين الذين يحاولون كظم غيظهم وكتم صوتهم ولا يقوموا بالمظاهرات والاعتصامات او طرد من يأتيهم في مواسم للانتخابات، حرصا على عدم استثمار العدو والخصوم لمعاناتهم والتأسيس عليها ضد المقاومة ونزعه سلاحها... فلماذا لا تردون التحية بأحسن منها ام انكم لا زلتم تراهنون على صبر الناس على تقصيركم واهمالكم وهم يدفعون أثمان افعالكم وتقصيركم.. لأنكم تعرفون بأنهم أحرار ثابتون يدافعون عنكم بدل ان تدافعوا عنهم ولا يمدّون اياديهم لمن يريد ان يشتريهم "فالحرّة تجوع وتتهجّر وتستشهد ولا تعيش بثدييها"، فلماذا تدفنوها مهجّرة جائعة بإهمالكم وتقصيركم لا تبادلوها الجميل بالجميل، بادروا لإنقاذ اهلكم الشرفاء قبل ان تخسروا السلاح الأقوى "الناس" فتصبحوا معزولين غير محصّنين.
أهلنا الشرفاء: تحرّكوا وطالبوا بحقوقكم المنسيّة والمهملة للعام الثالث، فإن بقيتم صامتين فلن تعودوا إلى قراكم، ولن يعترف بمعاناتكم أحد، ولن يساعدكم أحد وكما دخلتم في العام الثالث للتهجير والمعاناة، يمكن أن تدخلوا العام العاشر وإذا بقي ممثلوكم مقصرين، ولا تصدقوهم عندما يحمّلون الدولة المسؤولية… فهم كانوا الدولة والآن شركاء فيها؟
تحرّك الإمام الصدر من أجل مزارعي التبغ وحقوق أهل الجنوب، ولم يكن له في الدولة وزير أو نائب أو موظف، واستطاع مع الناس، تأسيس مجلس الجنوب والمجلس الشيعي، وتحصين مزارعي التبغ وغيرها.
لا تنخدعوا ببعض الوعود بالتعويضات، فربما ستكون غيوم صيفٍ عابرة، لزوم الانتخابات القادمة.
لفت انتباه: إذا كان أهلنا المهجّرون راضون عن احوالهم، وان هذا المقال لا يوصف حالتهم، فإننا نتراجع عن ما كتبناه... ونشكر الله سبحانه على حسن احوالهم.
رسالة إلى الدولة والأخوة "الثنائية": أنقذوا مواطنيكم وأهلكم المهجرين على أبواب الشتاء الثالث _ د. نسيب حطيط
الجمعة 12 كانون الأول , 2025 08:18 توقيت بيروت
أقلام الثبات
القائد الشـ.هيد الشيخ نبيل قاووق… سيرة لا تُشوَّهها الشائعات
أمريكا... وإسقاط ما تبقى من العراق _ د. نسيب حطيط
"حربٌ ستتجاوز حدود لبنان".. مفاجأة "انصار الله" الكبرى! _ ماجدة الحاج