أقلام الثبات
شَهد لبنان في الليلة الماضية أول مناورة بالذخيرة الحية لهذه الثلاثية، وذلك بعد إصدار القوات اللبنانية "البلاغ رقم واحد" بخصوص ما أسموه "حرب قطع رؤوس الأفاعي والأذناب"، فشنّ العدو "الإسرائيلي" غارات على الجنوب، بينما سهرت العاصمة والمناطق على شعارات الفتنة الناتجة عن مسيرات استفزازية للنازحين الجولانيين، وقطع الطرقات في العاصمة والخط الرئيسي بين بيروت والجنوب، وتولّت "جبهة إسناد إسرائيل في لبنان" التغطية الإعلامية لهذه الأحداث، وسط صمت رسمي تأخر لساعات طويلة في إصدار الأوامر للقوى الأمنية، بينما لم يشترط رئيس الحكومة ترخيصًا لهذه المسيرات للأجانب واللاجئين، ولم يحدد عدد المشاركين، ولم يفرض أي قيود لمنع إشعال نيران الفتنة في ذكرى انتصار "الرئيس الجولاني" كما طلب من اللبنانيين لإحياء ذكرى "السيد الشهيد".
تزامن "البلاغ رقم واحد" من قوات التحالف مع "إسرائيل" مع تصريح المبعوث الأمريكي توم برّاك حول ضم لبنان إلى سوريا، هذا الضم قد يحوّل لبنان إلى بؤرة عمليات للجماعات التكفيرية والنظام السوري الجديد، دون الحاجة إلى استقدام قوات عبر الحدود، بل يتم ذلك عبر تسليح النازحين الجولانيين المنتشرين في مناطق المقاومة، والذين يسيطرون على مفاصلها ومفاتيحها ومحلاتها التجارية، ولن يحتاج هؤلاء إلى اقتحام المناطق، بل يكفيهم تغيير ملابسهم واستبدال أدوات العمل بالرشاشات والقاذفات.
حذّرنا سابقاً من الفتنة والحرب الأهلية الثانية التي يُحضّر لها التحالف الأمريكي - "الإسرائيلي"، بدعم من بعض الدول العربية وغباء بعض اللبنانيين الحاقدين على المقاومة، والذين يظنون أنهم بمنأى عن الخطر بعد القضاء على المقاومة وطائفتها، أما الآن فقد اكتملت عناصر الفتنة وبدت التحضيرات مُنجزة، في انتظار التوقيت الذي تختاره أمريكا للإيعاز "لإسرائيل" باجتياح الجنوب أو البقاع، وتحريك الميليشيات اللبنانية المتحالفة مع "إسرائيل" لقيادة مجموعات النازحين الجولانيين الذين يمثّلون القوة البشرية التي تفتقر إليها الميليشيات العميلة، ويمكن تأمين الدعم أيضاً من بعض الجماعات التكفيرية الفلسطينية لشن حرب داخلية وخارجية ضد المقاومة.
تُعيد أمريكا تكرار تجربتها في لبنان؛ فإما أن تفرض شروطها لاستعمار البلاد والسيطرة عليها، أو تتركها للفوضى مع محاولات تمديد المهلة لنزع السلاح، فهي لا تريد خسارة لبنان بعد كل الإنجازات التي حققتها في لبنان وسوريا وفلسطين، فخسارتها للبنان تعني خسارة كل ما جُمع حتى لو ألحقت الضرر بالمقاومة، إذ ستكون خسائرها أكبر وستفقد أدواتها الهشة والضعيفة في لبنان، والتي تظن أن امتلاك إذاعة أو شاشة تلفزيون يمنحها قوة عظمى، بينما الواقع أنها لا تحتاج لجهد كبير لإسكاتها.
لبنان على أبواب حرب أهلية ثانية ،إن لم يبادر العقلاء لضبط الأمور، وليس بالضرورة أن تكون المبادرة بالرد على المعتدين المكلَّفين من قِبَل المقاومة، فربما تبادر أجهزة المخابرات متعدّدة الجنسيات، وفي طليعتها الموساد والـCIA، لافتعال أحداث واغتيالات لتسريع الفتنة، وذلك بسبب الصبر والحكمة اللذين تبديهما قوى المقاومة لمنع الفتنة.
ندعو لإعلان حالة الطوارئ السياسية والعسكرية في لبنان، واتخاذ قرار حاسم من الحكومة "بنزع سلاح النازحين"؛ كما تجرأت سابقاً وأصدرت قرار نزع سلاح المقاومة، وإن التأخر في حسم هذا الموضوع سيفتح الأبواب ويجمع الحطب للحرب الأهلية الثانية التي لن ينجو منها أحد، بمن فيهم الداعون إليها أو الصامتون أو المحايدون.
إذا لم تبادر الحكومة وأجهزتها الأمنية لمنع الحرب الأهلية وضبط النازحين الجولانيين، فعلى قوى المقاومة المبادرة إلى تحصين مناطقها وتأمين الطرق التي تربط بينها قبل فوات الأوان، فالتوقيت هو نصف القرار، وأي تأخير سيكون لصالح قادة الحرب الأهلية الثانية، وفي بعض الأحيان تكون المبادرة والسرعة في الرد أفضل وسيلة لمنع الفتنة، وليس الهرب منها، حتى لا تستكمل قوتها.
الحرب الأهلية الأولى بدأت بـ"بوسطة عين الرمانة"... ويبدو أن الحرب الأهلية الثانية ستبدأ "بموتوسيكلات الجولاني".
بادروا لإطفاء الفتنة ،بالوسائل المناسبة.. وأطيعوا الامام علي (عليه السلام)، واعملوا بما امركم به: "اغْزوهُم قَبلَ أنْ يَغْزوكُم، فواللّه ِ ما غُزِيَ قَومٌ قَطُّ في عُقْرِ دارِهِم إلّا ذَلّوا".
أنقذوا لبنان وشعبه، ولا تدعوا حقدكم على المقاومة يدفعكم لإشعال النار في ديارها ودياركم... وحمى الله لبنان وشعبه من مغامرات العملاء، وغدر الحلفاء، وتوحّش الأعداء.
مناورة ثلاثية ضد المقاومة: "إسرائيل" والقوات والنازحون الجولانيون ــ د. نسيب حطيط
الثلاثاء 09 كانون الأول , 2025 11:12 توقيت بيروت
أقلام الثبات
لبنان بين نار العدو ووهم المفاوضات: دولة تُقصف… وسلطة تنتظر المعجزات
اليمين المسيحي... وإشعال الحرب الأهلية الثانية ــ د. نسيب حطيط
توم براك وهندسة المشرق: دبلوماسية "التطوير العقاري"- د. ليلى نقولا