فنزويلا على شفا العدوان الاميركي.. وحلفاء واشنطن الى الزاوية - يونس عودة

الثلاثاء 18 تشرين الثاني , 2025 09:23 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
تواصل الولايات المتحدة رفع منسوب التوتر في البحر الكاريبي؛ في سياق السياسة العدوانية المرفوضة من دول المنطقة وحتى من دول حليفة لها في النطاق وكذلك دول اوروبية، خصوصا ان التحشيد العسكري الاميركي في الكاريبي يتزامن مع عمليات قتل مخالفة للقوانين الدولية من جهة، وتحت ذرائع لم يثبت مضمونها شيء، وانما تصدر قرارات القتل لمجرد الاشتباه ان قوارب تنقل مخدرات.

لا يشك حتى حلفاء الولايات المتحدة ان نوايا البيت الابيض تندرج في سياق التحضير لعدوان واسع على فنزويلا بهدف اسقاط نظام يرفض الانصياع للإملاءات الاميركية الاستعمارية , وبالتالي السيطرة على البلد الغني بثرواته الطبيعية وعلى راسها النفط والذهب والدليل على ذلك ان الرئيس الاميركي دونالد ترامب  أقر بعظمة لسانه  أنه منح وكالة الاستخبارات المركزية الإذن بتنفيذ عمليات سرية في فنزويلا، ما عزز التكهنات من الاقربين لواشنطن قبل الابعدين ان الهدف المضمر لواشنطن هو السعي إلى تغيير النظام في كاراكاس تحت غطاء مكافحة المخدرات.

لقد قتلت الولايات المتحدة حتى الان في البحر الكاريبي نحو 90 مواطنا في البحر الذي تحشد اساطيلها في واخرهم حاملة الطائرات جيرالد فورد مع سفن قتالية وطائرات استراتيجية وغالبيتهم من الصيادين, ودمرت اكثر من عشرين قاربا  في اطار العملية العدوانية التي اطلق عليها وزير الحرب الاميركي بيت هيغيست عملية "الرمح الجنوبي" بذريعة مكافحة تهريب المخدرات، وهو الامر الذي زاد الريبة لدى حلفاء واشنطن سيما ان مكافحة المخدرات لا تحتاج الى حاملات طائرات وطائرات استراتيجية وكذلك مدمرات , كما ان القطع البحرية الاميركية المحتشدة في البحر يمكنها السيطرة على الزوارق بدل تدميرها وقتل من على متنها , على الاقل كأدلة حسية على السردية الاميركية الكاذبة عن التهريب , ما يمكن ان يعدم الجدل الدولي الواسع حول تنفيذ "عمليات القتل خارج نطاق القانون"، خصوصاً مع غياب أدلة واضحة تربط القوارب المستهدفة بتجارة المخدرات

دليل اخر على النوايا العدوانية تمثل بقيام الجيش الأميركي ، بعملية ترميم وتحديث لقاعدة عسكرية مهجورة منذ نحو ربع قرن وتعود إلى الحرب الباردة في منطقة البحر الكاريبي ما يعزز احتمال تنفيذ عدوان عسكري يستهدف فنزويلا.

من الغباء بمكان ان تعتقد الولايات المتحدة ان سرديتها عن تهريب المخدرات يمكن ان تقنع احد حلفائها , ولو جندت كل امكاناتها الدعائية الترويجية في العالم , وهذا ما عبرت عنه اقرب حلفائها , بريطانيا , التي قررت تقييد تبادل المعلومات الاستخباراتية مع البنتاغون بشأن القوارب المشتبه بهم في منطقة البحر الكاريبي، وهذا  يُعدّ عملاً مُتواضعاً، كما إن بريطانيا اعترضت على الغارات الجوية الأمريكية المتكررة والقاتلة على "مهربين مشتبه بهم" قبالة سواحل فنزويلا، وهو ما ادين على نطاق واسع باعتبارها عمليات قتل خارج نطاق القضاء تُرقى إلى مستوى القتل. لم يقتصر الامر على بريطانيا في منظومة السطوة الاميركية , ففرنسا اعتبرت على لسان وزير خارجيتها خلال اجتماع وزراء مجموعة السبع ان عمليات اميركا العسكرية تشكل ايضا انتهاكا للقانون الدولي , كما ان كندا ابلغت ادارة ترامب انها لا تريد استخدام معلوماتها الاستخباراتية في عمليات تدمير القوارب وقتل من فيها .

يمثل قرار بريطانيا بتعليق التعاون الاستخباراتي ,تحولاً كبيراً عن أقرب حلفائها وشريكها في تبادل المعلومات الاستخباراتية، ويجزم بعدم قانونية الحملة العسكرية الأميركية في أميركا اللاتينية، وفي السياق قالت "سي أن أن" نقلا عن مصادر إن المملكة المتحدة التي تسيطر على عدد من المناطق في منطقة البحر الكاريبي حيث تتمركز أصولها الاستخباراتية، كانت قد ساعدت الولايات المتحدة، لسنوات، في تحديد مواقع السفن المشتبه في حملها المخدرات حتى يتمكن خفر السواحل الأميركي من اعتراضها. وترى النخب الغربية في الدول الحليفة لأميركا, ان الولايات المتحدة تفتقر إلى مبرر مقنع للحرب رغم تصوير ترامب لمادورو، وزعماء كارتل أمريكا اللاتينية، على أنهم "متورطون بالمخدرات". وتعتقد الولايات المتحدة أنها فوق القانون، وأن القوة تصنع الحق.

بلا شك ان العديد من دول المنطقة ادانت علانية الافعال الاميركية , لأنها ليست عملية ترتبط  بكارتيل المخدرات , الذي انشأته اصلا الولايات المتحدة من خلال اجهزتها المخابراتية لتمويل اعمالها القذرة حول العالم , حتى ان الرئيس البرازيلي حذر واشنطن من قيامها بعمال ضد اي بلد قد يشعل المنطقة برمتها

كتبت صحيفة "الغارديان" إن عمليات القتل خارج نطاق القضاء قبالة سواحل فنزويلا ليست إلا إشارة على انهيار النظام العالمي القائم على القواعد وأن هذه الضربات تنذر بهجمات أمريكية مباشرة على فنزويلا نفسها. ولا تخفى الرغبة في الإطاحة بنظام نيكولاسو. إن تغيير النظام الذي تفرضه قوة أجنبية بالقوة يخالف القانون الدولي، ما لم تُصرّح به الأمم المتحدة أو يُنفّذ دفاعاً عن النفس كملاذ أخير. وسواء أكان قانونياً أم لا، فلن ينتهي الأمر بخير أبداً.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل