فرنسا ... دور الميسِّر في لبنان _ د. ليلى نقولا

الإثنين 17 تشرين الثاني , 2025 03:34 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

في انتظار نضوج تسوية إقليمية ممكنة تنسحب على لبنان، زارت مبعوث الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لبنان، والتقت بالمسؤولين والقوى السياسية، لتستكشف إمكانية احداث اختراق ما في السيطرة الأميركية على تفاعلات المنطقة.

يأتي توقيت الزيارة الفرنسية مع اقتناع أميركي - عربي بعدم قدرة الأميركيين على ممارسة ضغوط أكبر على لبنان، خصوصاً بعدما فشلت مهمة المبعوث الأميركي توم برّاك، الذي اعتمد سياسة الضغط الأقصى والإنذارات المباشرة ولوم اللبنانيين وتهديدهم، ما استدعى التحرك الفرنسي وقبله التحرك المصري مع اللواء محمد رشاد.

حالياً، يحاول الفرنسيون التقاط الفرصة المناسبة لرعاية تسوية بأنفسهم، أو بالتعاون مع العرب، خصوصاً جمهورية مصر العربية، لاسيما بعد أن استطاع العرب تحقيق خرق في جدار الشروط المتباينة بين "إسرائيل" وحماس، بشكل أدى الى وقف إطلاق النار في غزة. ففي حال استطاعت المبادرة المصرية ان تخترق جدار الأزمة، يمكن لفرنسا أن تشكّل رافعة أوروبية - دولية، أي دعم المبادرة المصرية بثقل دولي، عبر ربط أي خطة أمنية بـالدعم الأوروبي للجيش اللبناني، ولإعادة الاعمار في لبنان.

وبالرغم من فشل مهمة برّاك، فإن التحليل الواقعي يُظهر أن التحرك الفرنسي لا يمكن أن ينفصل تماماً عن الولايات المتحدة، وأن أي مقاربة أو مبادرة فرنسية لا تأخذ بعين الاعتبار الموقف الأميركي سيكون مصيرها الفشل، وهو ما حصل للمبادرات الفرنسية السابقة في لبنان، والتي وصلت الى حائط مسدود.

ويبقى بعض الفروقات بين الأميركيين والفرنسيين، على الشكل التالي:

1.    تقاطع في الأهداف، اختلاف في الأساليب:

يسعى كلٌّ من الفرنسيين والأميركيين إلى منع الانهيار الكامل للبنان، وضمان الاستقرار الأمني على الحدود مع "إسرائيل"، ونزع سلاح حزب الله. غير أن فرنسا، بخلاف الولايات المتحدة، تُفضّل المقاربة السياسية - التوافقية مع كل الأطراف، بمن فيهم “حزب الله”، بينما تعتمد واشنطن سياسة الضغط والعقوبات لاحتواء نفوذ الحزب.

2.    تقاسم أدوار وليس صراع نفوذ:
لا شكّ أن التحرك الفرنسي يتمّ بالتنسيق (غير المعلن) مع الولايات المتحدة، ضمن توزيع أدوار: فرنسا تتحرك في المساحة الدبلوماسية التي يصعب على الأميركيين الدخول إليها مباشرة، مستفيدة من شبكة علاقاتها التقليدية في لبنان، بينما تراقب واشنطن النتائج، وتدير المشهد من الخلف، وتضع الضوابط لاي مبادرة (ما هو مقبول وما هو غير مقبول).
لقد أثبتت الأداة الأميركية، المتمثلة في التهديد بعودة الحرب وفرض المهل الزمنية، أنها أداة ضغط قوية، لكنها غير كافية لدفع الحكومة والجيش اللبناني الى نزع سلاح حزب الله؛ إذ تفتقر الدولة اللبنانية إلى القدرات الكافية للحسم الذي تريده الولايات المتحدة، بالتالي تتدخل فرنسا لتمارس دور المُيسّر. 
في النتيجة، يمكن وصف العلاقة بين باريس وواشنطن في تسيير ملف الأمن اللبناني بأنها تنسيق استراتيجي ضمن تباين تكتيكي يعتمد على تقاسم الأدوار، وقيام فرنسا بمهمات تخدم الأهداف والمصالح الأميركية.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل