خاص الثبات
لم يعد مفاجئاً أن تطل بعض الأصوات "القواتية" بخطابات تُعيد لبنان إلى زمن الجهل والكراهية. آخر هؤلاء كان النائب فادي كرم، الذي اختار أن يتهجّم على الإسلام والشيعة بوصفهم “ينتمون لثقافة تخلف عمرها 2000 سنة”. كلام يليق بمن فقد بوصلته السياسية ولم يجد إلا الشتيمة ملجأً أخيراً.
فلتات لسان؟ لا. هذا مشروع
في كل مرة يقولون “هفوة” أو “عبارة أُسيء فهمها”، لكن الحقيقة أن ما نسمعه هو منسوب الكراهية الحقيقي الذي يظهر حين يتكلمون بلا ورقة.
سبقته إلى ذلك غادة أيوب، وها هو اليوم يُعيد إنتاج الخطاب نفسه. هذا ليس رأياً فردياً… هذا خط سياسي يعيش على تقسيم اللبنانيين وتحويلهم إلى فئات “متحضرة” وأخرى “متخلفة”.
يا سعادة النائب، مشكلتكم ليست مع 2000 سنة من الإسلام، بل مع 2000 سنة من القيم التي لا تستطيعون الوصول إليها.
تتّهم الدين بالتخلف… وتنسى تاريخك؟
قبل أن تتحدث عن “التخلف”، هات لنا سطراً واحداً من تاريخ الإسلام يشبه صفحات تاريخ حزبك الذي غَرق في الدم اللبناني، ودمر مناطق بكاملها، وتحالف مع المحتل.
قبل أن تصف الآخرين بالتخلف، حدّثنا عن سنواتٍ رفرف فيها علم الاحتلال الإسرائيلي في عقولكم وقلوبكم، وعن تعاون سياسي وعسكري لا يمحوه صراخ اليوم ولا مساحيق الخطابات الوطنيّة.
حدّثنا عن من فتح الأبواب للغريب، وعن من قاتل تحت رايته، وعن من وقف إلى جانبه فيما كان الجنوب يدفن أبناءه.
ثم تعال وتحدث عن “الحضارة” و”الكرامة”.
نحن لا نشبهكم… وهذا ما يزعجكم
نحن نفتخر بديننا الذي حمل للعالم علماً وعدلاً ورحمة.
نفتخر بثقافتنا التي لم تُبنَ على حقد، ولا على تمييز طائفي، ولا على استدعاء الخارج لضرب الداخل.
نفتخر بأننا واجهنا الاحتلال بينما غيرنا كان يفاوضه، وبأننا صمدنا بينما غيرنا انحنى.
ولذلك يزعجكم الإسلام وخصوصاً جناحه الشيعي… ويزعجكم كل مكوّن لم يمد يده للعدو يوماً.
أزمة بعض السياسيين: لا مشروع… فيصنعون عدواً
حين يعجز السياسي عن تقديم الكهرباء والخبز والطبابة، يبدأ بتوزيع شهادات “الحضارة” و”التخلف”.
وحين يفشل في تقديم مشروع وطني جامع، يبدأ باستهداف اللبنانيين الذين لم يستطيع إخضاعهم يوماً.
كلام كرم ليس قوة… بل صرخة عجز.
ليس رأياً… بل ورقة انتخابية رخيصة.
ليس موقفاً… بل امتداد لميراث سياسي لم يتصالح مع نفسه ولا مع تاريخه.
في الخلاصة الإسلام لا يطالُه كلام نائب، ولا يُهزّ من ثقافته تصريح متوتر.
الشيعة والمسيحيون والسنة والدروز هم شعب واحد… أما من يزرع الفتنة بينهم فلن يكون يوماً ابن هذا البلد.
إذا كان فادي كرم يريد محاكمة الأديان، فليبدأ أولاً بمحاكمة صفحات حزبه:
صفحات الدم، وصفحات الحرب، وصفحات التحالف مع إسرائيل.
ثم بعد ذلك… فليتكلم عن “التخلف” كما يشاء.
نتائج لقاء ترامب - الجولاني: تغيير هوية "السلطة في دمشق"... واستخدام الأراضي السورية لضرب إيران _ حسان الحسن
محنة العقل العربي في فهم استراتيجيات المشروع الصهيوني _ د. نسيب حطيط
غزة ... الإيواء أولاً