أقلام الثبات
تخوض المقاومة وأهلها حربًا استثنائية في مواجهة التحالف الأمريكي - "الإسرائيلي"، هي حرب الصبر في مواجهة القلق والتوتر الأمريكي - "الاسرائيلي"، حيث تتسلح المقاومة بالصمت، والصبر، والغموض البنّاء، والالتزام بوقف إطلاق النار ووقف التهديدات اللفظية، مقابل التوحش "الإسرائيلي" والأمريكي المتمثل بالاغتيالات والقصف والتدمير، والفجور السياسي الذي يمارسه بعض اللبنانيين وبعض أركان السلطة السياسية.
إنها معركة بين الصبر من جهة، والطائرات الحربية والفجور السياسي والحصار الإعلامي والاقتصادي والمالي من جهة أخرى، على مدى عام مليء بالجراح والشهداء والخوف، لكن النتائج حتى الآن تصب في مصلحة المقاومة وأهلها، حيث جَنَت أرباحًا استراتيجية متعددة، مقابل خسائر أمريكية - "إسرائيلية" مرشحة للتزايد، قد تقضي على مكتسبات وأرباح العامين الماضيين.
تعيش أمريكا و"إسرائيل" هاجس الخوف من عامل الوقت، وتدركان أن الوقت غير متاح لهما، لتثبيت مكتسباتهم وأرباحهم المرحلية ولا بد من إنهاء ملف السلام والتطبيع مع العرب، خصوصاً دول الطوق التي لم يبقَ منها خارج إطار التطبيع والتطبيق سوى لبنان وفي حال بقائه خارج مسار التطبيع واحتفاظه بقوة المقاومة، فإن هذا يشكل تهديدًا حقيقيًا لمكتسبات وانتصارات أمريكا و"إسرائيل"، وربما تعود "شجرة المقاومة" التي قُطعت أغصانها، ولم تُقتلع من جذورها، لتزهر من جديد وتعود الأمور إلى سابق عهدها وهذا ما تخشاه "إسرائيل" ويدفعها إلى التسريع لاقتناص الفرصة وإقرار اتفاقية سلام بين لبنان و"إسرائيل"، والأهم هو نزع سلاح المقاومة واجتثاثها من لبنان، حتى تطمئن "إسرائيل" أنها انتصرت وفرضت أمريكا سيطرتها على الشرق الأوسط.
لقد استطاعت المقاومة وأهلها والمشروع المقاوم التحرر جميعًا ،بفضل صمتها وصبرها وتضحياتها، وجَنَوا أرباحًا ثمينة أبرزها:
-  كسب مهلة زمنية ،لإعادة التموضع وبناء الهيكليات التنظيمية والعسكرية والسياسية، واستيعاب الخسائر التي لحقت بها على المستويات القيادية والإطارية واللوجستية.
-  إثبات انضباطها أمام الرأي العام الدولي واللبناني والتزامها بوقف إطلاق النار، مع قدرتها على الرد، فإسقاط مسيّرة "إسرائيلية" أمر سهل يمكن أن يفعله أي طفل في الجنوب، إما لخبرته أولاً أو لسهولة إسقاطها ثانيًا.
- كشف الفجور الإسرائيلي - "الأمريكي"، وحيث استطاعت المقاومة جذب القوات الدولية والجيش اللبناني اللذين أصدرا بيانات تؤكد عدم التزام "إسرائيل" بالقرار 1701 واتفاق تشرين، مقابل التزام المقاومة وقد بلغ الأمر حد قيام "إسرائيل" بإطلاق النار على القوات الدولية والجيش اللبناني، مما عزّز موقف المقاومة في الحرب السياسية والقانونية.
- انتصرت المقاومة بمنعها الفتنة الداخلية، سواء بينها وبين الجيش اللبناني، أو بينها وبين طوائف وأحزاب "إسرائيل" في لبنان، 
- ربحت المقاومة معركة البقاء، واستطاعت كسب سنة كاملة، وهي سنة اتّسمت بالصعوبة والدماء، ومنعت أمريكا من تحقيق نزع السلاح أو فرض اتفاقية "سلام" مع لبنان، وهي الآن تحاول تمديد سنة القلق والتوتر الأمريكي - "الإسرائيلي"، على أمل أن حدوث تغيير إيجابي مستقبلاً.
- نجحت المقاومة في تفادي الوقوع في كمائن الحرب "ثانية "في توقيت غير مناسب لها ولأهلها، على عكس ما كانت تريده أمريكا وإسرائيل، حيث أن أي حرب تُخاض دون استعداد يضمن الانتصار أو التعادل تُعد إعداماً نهائياً للمقاومة.
 لقد تكبدت المقاومة خسائر فادحة في سبيل تحقيق هذه المكاسب، منها: 
- 800 شهيد وجريح اغتالتهم "إسرائيل" دون رد مناسب من المقاومة
- خسارة جميع قواعدها العسكرية وأنفاقها في جنوب لبنان
- والتأثير المعنوي والنفسي الذي أصاب المقاومين وأهلهم بعد أن كانوا يتباهون بتوازن الرعب طوال عشرين عاماً.
- عدم تمكن المهجرين من العودة إلى قراهم ومنع استئناف الأعمال هناك.
 بالرغم من فداحة هذه الخسائر ، إلا أنها تُعتبر ثمناً قليلاً ومعقولاً بالنظر إلى الظروف التي تعيشها المقاومة وأهلها وحيدين في الميدان، وفي ظل تزايد التحالف الأمريكي - "الإسرائيلي" - العربي - التركي - الغربي ضد ما تبقى من المشروع المقاوم العربي والإسلامي، ويجب التذكير بأنه لا أرباح دون ثمن أو تضحيات. لقد انتصرت المقاومة في "حرب الصبر والإعداد وكسب الوقت"، الذي سيكون في صالحها وعاملاً أساسياً في هزيمة المشروع الأمريكي - "الإسرائيلي" مع وجوب تحصين المجتمع المقاوم على صعيد الأمن الاجتماعي والعقائدي وتطهيره من الشوائب لضمان صموده في السنوات المقبلة، لأن الحرب طويلة، ومتعددة الوسائل، وستتّسم ،باللاأخلاقية واللا مشروعية واللاإنسانية.
 نحن قادرون على الصمود وعدم الانهزام إذا تمكنّا من إدارة الحرب بعقلانية وموضوعية، وتكليف أصحاب الكفاءة والصالحين، واستبعاد المرتزقة والمقاولين والفاسدين.  
الصبر سلاح "دقيق" لا يمكن نزعه إذا كنت مؤمناً وعبداً لله سبحانه وتعالى.
حرب "الصبر" المقاوم... المكاسب والخسائر ــ د. نسيب حطيط
                
                     الجمعة 31 تشرين الأول ,  2025 10:22 توقيت بيروت
                
                
                    
                        أقلام الثبات                
            
            
             
         مقالات وأخبار مرتبطة
            مقالات وأخبار مرتبطة
         
                 
                         
                     
                     
                         
                         
                         المرتدون "الإبراهاميون" ــ عدنان الساحلي
                        المرتدون "الإبراهاميون" ــ عدنان الساحلي                     لجنة "الميكانيزم"... لإطلاق النار على المقاومة ــ د. نسيب حطيط
                        لجنة "الميكانيزم"... لإطلاق النار على المقاومة ــ د. نسيب حطيط                      " أيّام قتاليّة بانتظار حزب الله ".. هل يشدّ لبنان الأحزمة؟! _ ماجدة الحاج
                        " أيّام قتاليّة بانتظار حزب الله ".. هل يشدّ لبنان الأحزمة؟! _ ماجدة الحاج                     
                                     
                                     
                                     
                                     
                                     
                                     
                                    